عادت قضية خاشقجي بقوة وقتلوه مرة ثانية على العلن.
مجتهد نيوز //
عادت قضية جمال خاشقجي وبقوة؛ بعد أن أعلن المدعي العام السعودي عن نتائج الملف القضائي المتعلق بمقتل خاشقجي، والتي بدأتها محكمة الجزاء السعودية منذ وقت.
لقد عادت وبقوة، لأن إعلان النائب العام في الحقيقة كان بمثابة جريمة جديدة فوق الجريمة الأصلية.
لقد أسفرت تلك التحقيقات التي كانت قد انطلقت تجاه 31 شخصاً عن إقامة دعوى جزائية بحق 11 شخصاً منهم، وإعدام 5، والسجن 24 عاماً لـ3، وتبرئة 3 آخرين. إن النتائج أيضاً خلصت إلى أن جريمة القتل لم تكن عن عمد وتخطيط، بل وقعت نتيجة مواجهة مفاجئة وتطوّرت فيما بعد، وكان المتورطون فعلاً بالجريمة بشكل مباشر 5 أشخاص فقط، وما عدا أولئك لم يكن لديهم أي جريمة تتعلق بالحادثة.
أما القحطاني فإنهم لم يعثروا على أي دليل يجرّمه، ولذلك فإنهم لم يقوموا بفتح حتى دعوى على الأقل ضده، فاتهامه يعني اتهام السلطة التي يتبع لها.
بل وفوق ذلك كله فإنها لم تكشف عن أسماء الخمسة الذين سيتم إعدامهم، وكذا لم تكشف عن الأشخاص الذين حُكم عليهم بالحبس لمدة 24 عاماً.
أصلاً لم تكشف المحكمة عن المكان الحالي للأشخاص المحكوم عليهم، فضلاً عن عدم معرفة أي سجن ذاك الذي يقبعون فيه. هل يا ترى تم طرح سؤال؛ ماذا فعلوا بجثة خاشقجي، أو أين هي جثته؟ وفيما لو طرحوا ذلك عليهم ماذا كان الجواب؟ لا يوجد أي معلومة حول ذلك. ومع ذلك كان على المحكمة المخوّلة بالحكم المباشر على مرتكبي هذه الجريمة أن تجيب هي بالمقام الأول عن هذه الأسئلة.
لقد كان قرار المحكمة بمثابة سخرية وضحك على عقول الناس، كما شعر بذلك الكثير من الناس. لكن من جانب آخر فإن الذين توقعوا ولو بأدنى تقدير صدور قرار غير الموجود، عليهم أن يتفاجؤوا إذن. أليس من الواضح أن نظاماً قضائيّاً يسيطر عليه المشتبه بهم ذاتهم في هذه القضية ألا يكون نزيهاً، وبالتالي لا تكون محاكمته نزيهة؟
هناك خمسون دليلاً تثبت أن الجريمة تم الإعداد لها مسبقاً؛ على سبيل المثال هناك 15 شخصاً هم في نهاية المطاف مرتبطون بالتسلسل الهرمي لكل من العسيري والقحطاني، جاؤوا عبر طائرتين حكوميتين خاصتين، مستخدمين سلطة تعطل جميع سلطات القنصل والقنصلية السعودية بإسطنبول، بعد كل ذلك لن يكون هناك أدنى شك في أنهم من ارتكبوا الجريمة. أليست السلطة القائمة بالقنصلية السعودية هي من سمحت بتنفيذ جريمة كهذه خارجة عن نطاق العادة والعقل، وحينما نسأل عن تلك السلطة من تكون؟ يجيبون بأن السلطة لا تتعدى أولئك الخمسة المحكوم عليه بالإعدام.
بالإضافة إلى ذلك فإنه بعد اكتشاف أن ما حصل بحق خاشقجي كان جريمة قتل انطلق فريق تنظيف تحت إشراف وسيطرة كبار المسؤولين السعوديين، ليقوموا بتنظيف الأدلة لأيام عديدة أمام العالم بأسره. أليس من الواجب أن يتم اعتبار انعدام الأدلة وعدم عثور الأطباء الشرعيين الأتراك على أي دليل ذي قيمة، سواء في القنصلية أو مقر إقامة القنصل؛ جريمة أخرى يتوجب الحساب عليها. نحن أمام جريمة، إلا أنّ العمل على مسح أدلة تلك الجريمة والتعتيم عليها جريمة أخرى مختلفة تماماً. نعم لم يكن من الممكن الوصول إلى نتيجة ممّا حدث خلال تنفيذ الجريمة، لكن كان من الممكن الوصول إليها خلال عملية تنظيف تلك الأدلة.
في الحقيقة حينما ننظر إلى الجانب الآخر من الحادثة فمن الممكن أن تكون هناك أدلة كافية حول أولئك الجناة فيما لو تم النظر للسلطة التي اتخذت ذلك القرار بهذه الطريقة.
لكن قبل كل شيء أليس من اللازم أن تكون المحكمة أصلاً تحمل هم العثور على شيء من هذا القبيل؟ لكن لو رجعنا قليلاً للوراء وطالعنا البيان الذي صدر عن النيابة العامة في اليوم الذي بدأت فيه الدعوى، فإن لغة البيان لم تكن تبدو صادرة عن نائب عام أكثر من كونها عن محامٍ موكل بالدفاع عن شخص ما. لقد ركز بشكل خاص على أن القحطاني والعسيري وولي العهد بن سلمان لا علاقة لهم بهذه الجريمة.
لقد قلنا منذ ذلك الوقت إنه لن تكون هناك محاكمة عادلة من محكمة واقعة تحت السيطرة.
إحدى الحقائق في جريمة مقتل خاشقجي هي أن الجريمة بأكلمها؛ بخطتها وإمكانياتها، تم تنفيذها من قبل أعلى سلطة في الدولة. إن قرار المحكمة الأخير يعني تأكيد حقيقة أنه لا يمكن إجراء محاكمة نزيهة في مثل هذا البلد الذي يسيطر فيه أعلى شخص في الدولة على عمل القضاء؛ وأن قضية خاشقجي لا يمكن أن تنال حقها عند محاكم الممكلة السعودية، والتي همّها الوحيد هو مواجهة أي مشكلة في سبيل تبرئة شخص معين ونفي التهمة عنه.
لقد وقعت حادثة الجريمة في تركيا، وبناء على ذلك كان من الضروري أن تشترك في التحقيق حول حادثة وقعت على أراضيها، حيث يتعلق ذلك بسيادتها. إن تركيا ليس لديها تحيز ضد أي أحد. بل إنها تتصرف وفق الحياد قدر الإمكان عند نقطة تأسيس للعدل. لا يمكن الحكم ضد أي شخص قبل الانتهاء من المحاكمة. حتى المتهمين العاديين في كل قضية لا يمكن إصدار الحكم عليهم دون أن تتم المحاكمة.
لقد وقعت حادثة الجريمة في تركيا، وبناء على ذلك كان من الضروري أن تشترك في التحقيق حول حادثة وقعت على أراضيها، حيث يتعلق ذلك بسيادتها. إن تركيا ليس لديها تحيز ضد أي أحد. بل إنها تتصرف وفق الحياد قدر الإمكان عند نقطة تأسيس للعدل. لا يمكن الحكم ضد أي شخص قبل الانتهاء من المحاكمة. حتى المتهمين العاديين في كل قضية لا يمكن إصدار الحكم عليهم دون أن تتم المحاكمة.
حسبما نعلم فإن المدعي العام في إسطنبول لا يزال يقوم بجمع الأدلة واستكمالها، ولا بد أنه سيقول ما يجب قوله عند الانتهاء.
في النهاية لقد باتت حادثة خاشقجي بمثابة اختبار للعقل والضمير الإنساني لهذا العالم. ولا أحد بإمكانه أن يتحايل على هذا الاختبار ويظن أنه يمكن أن يتخلص منه.