بصورة غير معهودة، بدأت السعودية تبني مطالب انفصال جنوب اليمن ، فما ابعاد هذا التوجه في هذا التوقيت ؟
السعودية التي ظلت على مدى السنوات الماضية من حربها على اليمن تبدي في بياناتها تظليلا بشأن تمسكها بوحدة اليمن وسياداته، بدأت تغيير دفة التوجه العام لنخبتها ومنظري سياستها نحو مهاجمة الوحدة اليمنية، واخر هؤلاء المهرجين العقيد في الجيش السعودي احمد ضيف الله القرني وقد خرج بتغريدة لأول مرة منذ ثمان سنوات مضت يتحدث فيها بان الوحدة كانت خطا كارثي وانها سبب الفوضى التي تراها بلاده اليوم..
هذا التوجه الجديد انعكاس طبيعي للمتغيرات التي تشهدها اليمن سواء فيما يتعلق بالوضع جنوبا أو شمالا، فعلى الصعيد الجنوبي، يبدو بأن السعودية التي فشلت في لملمة صفوف القوى التابعة لها تحاول مجاراة المجلس الانتقالي، الحامل للواء القضية الجنوبية واستعادة ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية جنوبا، خصوصا وان استدعاء جزئية الانفصال تزامن مع ضغوط سعودية على الإنتقالي الجنوبي لتسليم عدن لخصومه وتفكيك فصائله الجنوبية عبر دمجها بالدفاع والداخلية، وهي خطوة ذكية قد تضع الانتقالي الذي بدأ فعلياً بإخراج فصائله والاستسلام للمطالب السعودية في مستنقع الأمل الكاذب ، ليتم فرض واقع جديد عليه متى ما تمكنت السعودية من استنزاف قواته جنوبا، لكن هذا لا يعني بأن السعودية التي ظلت منذ ثلاثينات القرن الماضي تستخدم استراتيجية الشمال ضد الجنوب والعكس، لا تضع في الحسبان انفصال جنوب اليمن او بالأحرى إعادة البلد إلى ما قبل تسعينيات القرن الماضي، كورقة مناورة في وجه الشمال وتحديدا القوى الموالية لها كالإصلاح وطارق صالح وقوى أخرى تطالب باستعادة عدن أولا ، فتزامن استدعاء الانفصال مع أنباء تتحدث عن تفكك مرتقب للمجلس الرئاسي، السلطة التي شكلتها السعودية مؤخرا، في ظل رفض قيادات الشمال الخضوع لأجندة السعودية الهادفة لتمكين الإنتقالي على حساب بقية القوى داخل السلطة التابعة لها.
تاريخيا لا يبدو بأن السعودية ستفرط بيمن موحد، وأن حرصت على استمرار الصراع بين أبنائه وقواه تحت خطوط مذهبية ومناطقية ، فبقاء اليمن موحد غارق بالصراعات ضمن الاستراتيجية السعودية الهادفة لابتلاع ثروات البلد الأكبر والأهم.
الخبر اليمني