لايزال تقديم الوديعة الخليجية المعلَن عنها في أبريل 2022، محلَّ انتظار حكومة عدن وبنك عدن المركزي الذي قال الأسبوع الماضي إنه استوفى كافة المتطلبات لاستيعاب الوديعة التي تتضمن مبلغ ملياري دولار لدعم احتياطيات النقد الأجنبي.
بحسب خبراء اقتصاد يواصل بنك عدن المركزي عقد مزاداته الإلكترونية التي كان يبيع من خلالها مبلغ 20 مليون دولار قبل أن يتم رفعه إلى 30 مليون دولار مرة واحدة أسبوعياً، بمعدل أربع مرات شهرياً، كواحد من الإجراءات التي يقول البنك إنها تساهم في استقرار سعر الصرف ضمن سياسة الإصلاحات التي تمت مطالبة البنك بها من قبل الدول والجهات المانحة.
لا إصلاحات.. لا وديعة
الأربعاء الماضي، قال محافظ البنك خلال لقاء له برئيس المجلس الرئاسي، إن البنك يواصل استخدام أدواته المتاحة لإدارة السياسة النقدية وتحقيق الاستقرار في أسواق الصرف وسط ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، وأشار إلى أنه أجرى مشاورات واتصالات مع السعوديةوالإمارات وصندوق النقد العربي بخصوص استيعاب الوديعة المنتظرة.
وتشمل الوديعة إلى جانب المليارين أيضاً 900 مليون دولار لتمويل احتياجات محطات الطاقة الكهربائية من المشتقات النفطية (الديزل والبنزين) و300 مليون دولار لدعم جهود الإغاثة الإنسانية، إلى جانب الـ400 مليون دولار التي أُعلن عنها مؤخراً لدعم مشاريع التنمية.
لكن رغم ذلك لم تُقدم بعد حزم التمويل المعلن عنها لدعم البنك المركزي بعدن ومِنح الوقود لمحطات الطاقة الكهربائية، حيث تطالب الرياض و أبوظبي بتنفيذ إصلاحات حوكمة، وهي الإصلاحات التي يقول البنك والحكومة بأنهما يعملان على تنفيذها.
وسبق للسفير السعودي لدى اليمن أن قال، في مايو، إن السعودية والإمارات تناقشان آلية وحوكمة هذه الوديعة الجديدة، قبل أن تتداول وسائل إعلام أنباء عن أن المملكة ستخصص جزءاً من الوديعة لتسديد الديون اليمنية للسعودية.
عجز الكهرباء وانتهاء المنحة السعودية
من بين الشروط التي فرضتها السعودية على حكومة عدن زيادة معدل تحصيل قيمة فواتير خدمات الكهرباء، وتحسين صيانة محطات الكهرباء، والحد من هدر الطاقة، وتطبيق حوكمة ورقابة تستوفي المعايير لإدارة عمليات توزيع ونقل واستهلاك المشتقات النفطية.
وطوال شهر يونيو الماضي لم يتم استلام أي مشتقات نفطية سعودية للمساعدة في تشغيل محطات الطاقة الكهربائية، بعد أن كانت المشتقات منذ العام 2018 تخفف من الأعباء المالية واستنفاد احتياطيات النقد الأجنبي.
وبحسب أحدث البيانات كانت آخر الدُّفَع التي وصلت من الوقود السعودي إلى عدن في أبريل 2022، عندما انتهى مفعول اتفاقية المنحة الموقعة لمدة عام بين حكومة عدن والسعودية في أبريل 2021، بقيمة 422 مليون دولار.
ونصت الاتفاقية على توفير المشتقات النفطية لتشغيل محطات توليد الكهرباء بالأسعار السائدة في السوق السعودي المحلي، وليس بالأسعار السائدة في السوق العالمية، على أن يُغطى الفارق من خلال منحة المشتقات النفطية السعودية، وتفيد وكالة الأنباء السعودية (واس) بأن كميات الديزل والمازوت المقدمة بموجب منحة المشتقات النفطية السعودية كانت في المتوسط أقل من السوق العالمية بنسبة 77% و94% على التوالي.
وقبل أن ينتهي سريان الاتفاقية خرج وزير الكهرباء في الحكومة بتصريحات خلال مارس، قال فيها إن هناك نقصاً حاداً في توليد الكهرباء بسبب انتهاء المنحة السعودية وقدرة الحكومة المحدودة على شراء الوقود من الأسواق العالمية.
وفي أواخر يونيو أعلن الوزير أنور كلشات أن الحكومة بحاجة إلى 100 مليون دولار شهرياً لإنتاج الكهرباء بسبب توقف المنحة السعودية ووصول العجز في توليد الكهرباء لنحو 50%، واجتمعت قيادات حكومية بوفد من البنك الدولي لمناقشة صعوبات توليد الكهرباء وتم الحديث عن جدوى محطات توليد الكهرباء بالغاز.
أمام العجز في توليد الكهرباء تقول وزارة الكهرباء والطاقة إن عدداً من المحافظات تأخرت في إيداع الالتزامات المالية المستحقة عليها في الحساب المشترك الذي فُتح بموجب اتفاقية المنحة، وبنهاية يناير 2022 تراكمت ديون مؤسسة الكهرباء وفروعها لتبلغ 9.71 مليار ريال يمني، وولم تنجح المؤسسة لاحقاً إلا في تسديد 45% من ديونها.
العجز الحكومي يفاقم الأزمات
مع انتظار الحكومة للوديعة الخليجية، تفاقمت الأوضاع الاقتصادية وازداد تردي الخدمات الأساسية.
حيث ارتفعت أسعار الوقود وتفاقمت أزمة الطاقة وازداد معدل انقطاع الكهرباء في مناطق حكومة عدن، بالتزامن مع ارتفاع كبير لأسعار السلع والمواد الغذائية والخدمات الأساسية، وسط خروج احتجاجات شعبية تندد بالأوضاع وعجز الحكومة عن حلها.