من يقف وراء اغتيال القيادات الكبيرة في الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي ؟
مجتهد نيوز // متابعات
من جديد عادت الأنظار إلى العاصمة المؤقتة عدن، والتي لقبت خلال الفترة الماضية بعاصمة الاغتيالات، على خلفية تزايد الفوضى الأمنية في تلك المدينة الجنوبية.
وعادت موجة الاغتيالات الى العاصمة المؤقتة عدن بوتيرة عالية، حيث شهدت المدينة اغتيال ضابطين في البحث الجنائي وسبع محاولات أخرى لمدنيين وعسكرين في ظرف أسبوع فقط، متزامنًا – ذلك – مع توتر بين الجيش والمجلس الانتقالي على خلفية تنفيذ اتفاق الرياض.
وتشهد العاصمة المؤقتة فراغاً أمنياً كبيراً، وانتشاراً واسعاً للجريمة الجنائية، في ظل استمرار العديد من الفصائل المسلحة في سيطرتها على المدينة.
ووقع في الرياض، في 5 نوفمبر الماضي، اتفاق بين الحكومة والانتقالي الجنوبي، يتضمن ترتيبات سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية بين الطرفين، لكن الاتفاق لم ينفذ في كثير من جوانبه حتى الآن؛ بسبب استمرار سيطرة قوات الانتقالي على عدن، ومنع عودة كثير من وزراء الحكومة إلى المدينة.
يأتي ذلك وسط توترات أمنية كبيرة وحشود عسكرية، من قبل المجلس الانتقالي من جهة وقوات الحكومة من جهة أخرى، خاصة في محافظتي أبين وشبوة، واتهامات متبادلة “غير رسمية”، بتلكؤ كل طرف في تنفيذ اتفاق الرياض.
وكان تحقيق لقناة “الجزيرة” كشف تفاصيل ملفي الاغتيالات والسجون السرية بعدن اليمنية، عبر محاضر تحقيق وشهادات حصرية.
وبحسب التحقيق، الذي حمل عنوان “أحزمة الموت”، فقد أكدت محاضر التحقيق أن المسؤول الأول عن عصابة الاغتيالات في عدن كان يعمل مع الإماراتيين، وتحديداً مع “أبو خليفة”. وذكرت محاضر التحقيق أن عناصر من تنظيم القاعدة نفذت عمليات اغتيال بتوجيه من ضباط إماراتيين.
وشهدت المحافظات الجنوبية بين عامي 2015 و 2019، ما يزيد على 100 عملية اغتيال حسب ما وثقته تقارير أممية.
وتقول الباحثة بجامعة أكسفورد، إليزابيث كندال، إن معظم عمليات الاغتيال أو محاولات اغتيال أئمة المساجد في عدن نفذها أناس كانوا يقودون دراجات نارية، في حين نُفذ بعضها الآخر عن طريق قنابل مزروعة على الطرق، لكن في كلتا الحالتين فإن من قاموا بتنفيذ تلك العمليات كانوا على درجة عالية من الاحتراف.
منظمة سام للحقوق والحريات الدولية، ومقرها جنيف، كانت قد كشفت، عن ممارسة ضباط إماراتيين التعذيب بنوعيه؛ الجسدي والنفسي، والتحرش الجنسي، والاغتصاب، بحق مئات من المعتقلين في سجون إماراتية بعدد من المحافظات الجنوبية.
منظمة العفو الدولية وثقت، في يوليو الماضي، انتهاكات صارخة تُرتكب بشكل ممنهج بلا محاسبة، تصل إلى مصافّ جرائم الحرب بالسجون السرية التي تشرف عليها أبوظبي في المحافظات الجنوبية كما رصدت عشرات من حالات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، نفذتها القوات الموالية لأبوظبي.
وتعمد اتفاق الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي تجاهل معاناة العشرات من المعتقلين في سجون القوات الإماراتية والموالية لها في المحافظات الجنوبية، رغم أهمية الملف الذي يعد واحداً من الملفات الساخنة على الساحة.
وما يخيف تجاهل الاتفاق لهذا الجانب، مع الحديث عن مغادرة للقوات الإماراتية، ونقل معتقلين إلى قاعدة عسكرية ما زالت حتى اليوم تستخدمها الإمارات في حضرموت، وآخرين إلى جزر تستخدمها أبوظبي في إرتريا.
لم يكن يعلم اليمنيون ما يحدث من انتهاكات في المحافظات الجنوبية إلا مع الكشف عن قضية تتعلق بشبكة سجون سرية بأرجاء جنوب اليمن، عبر وكالة “أسوشييتد برس” الأمريكية، في يونيو 2017، التي ذكرت أنّ الإمارات وعناصر متحالفة معها تدير تلك السجون.
رابطة أمهات المختطفين، المكون المهتم بقضية المعتقلين باليمن، عبرت عن أسفها لتغييب قضية المعتقلين والمخفيين قسراً عن اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وآخر ما كشف عن تلك السجون، عبر صحف ومنظمات غير حكومية فرنسية، في 7 نوفمبر 2019، بعدما كشفت عن وجود سجن سري استخدمه الإماراتيون في 2017 و2018، داخل موقع لاستخراج الغاز في مدينة بلحاف، تستغل جزءاً منه مجموعة “توتال” الفرنسية.
ويرى توفيق الحميدي، رئيس منظمة سام للحقوق والحريات (مقرها جنيف في سويسرا)، أن قضية المعتقلين والمخفيين قسراً والاغتيالات في عدن كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى حصول التوتر الكبير بين الحكومة ودولة الإمارات وممثلها الأحزمة الأمنية بشكل خاص”.
وأضاف توفيق الحميدي أنه “من المفترض أن يكون هذان الملفان ضمن اتفاقية الرياض ليتم حل كافة الإشكاليات وفتح صفحة جديدة من العلاقات، والعمل مع الحكومة الشرعية.
ويرى الكثير من المراقبين أن تجاهل اتفاق الرياض لهذه الملفات سيؤدي إلى تعميق المشكلة مع الشعب في الفترة المقبلة، وسيؤدي إلى تحرك المجتمع الدولي بشكل أكبر.