صدمت دولة الكويت العربية، السعودية، بخطوة وصفت بالجريئة، كشفت من خلالها لأول مرة عن حدود اليمن الجغرافية الحقيقية، ونشرها وثيقة تاريخة، وحجم المساحات الشاسعة المسلوبة من اراضيه، ما اثار جدلا واسعا، قد يفضي لازمة دبلوماسية بين الكويت والسعودية.
حيث نشر المفكر الكويتي الدكتور عبدالله النفيسي، على حسابه الرسمي بمنصة التدوين المصغر “تويتر”، ارفقها بوثيقة تاريخية، تظهر مساحة الاراضي اليمنية التي استولت عليها السعودية.
وقال عبدالله النفيسي في تغريدته المثيرة لجدل واسع، معلقا على الوثيقة التي ارفقها: إن “الوثيقة الموقعة بين السعودية والسلطنة الكثيرية في حضرموت برعاية بريطانية تكشف حدود حضرموت تصل إلى عروق الشيبة”.
وأضاف النفيسي : “وهذا تاكيد ان الخرخير والوديعة وشرورة جزء لايتجزأ من حضرموت بموجب الوثيقة التي وقعت عليها السعودية والدولة الكثيرية وسلطنة عمان وبريطانيا.” واختتم تغريدته بقوله: “كفى عبثا بأراضي اليمن”.
وتأتي تغريدة المفكر الكويتي عبدالله النفيسي، في وقت صرحت لجنة سعودية خاصة مكلفة بإدارة لقاء مع ممثلي محافظات حضرموت والمهرة وشبوة وابين، الحاصلين على الجنسية السعودية، بتبني دعم انفصال جنوب اليمن.
جاء هذا على لسان مسؤول سعودي كلف بإدارة لقاء مع قيادات من المحافظات الجنوبية، بشأن ترتيبات انفصال جنوب البلاد، حسب ما وثقه مقطع فيديو، جرى تداوله على نطاق واسع بين أوساط سياسيين وناشطين يمنيين استنكروا هذا الانقلاب السعودي على وحدة اليمن وسيادة كامل اراضيه.
وأظهر مقطع فيديو، لمسؤول سعودي ادار لقاء نظمته المملكة العربية السعودية مع عدد من ابناء حضرموت وشبوة والمهرة وابين، دعم المملكة لدعوات “المجلس الانتقالي الجنوبي” التابع للامارات، المطالبة بما يسميه “استعادة دولة الجنوب” في اشارة لنظام ما قبل اعادة توحيد شطري اليمن.
تحدث المسؤول السعودي مع اللجنة المشكلة من قيادات بالمحافظات الجنوبية الاربع، عن أن “المملكة اتخذت قرارا بمنح تقرير المصير لابناء حضرموت وشبوة وابين والمهرة للانضمام الى السعودية مؤكدة بان هذا القرار اتخذ ولا عودة فيه”. حسب تأكيده في مقطع الفيديو.
ووصف المسؤول السعودي محافظات حضرموت وشبوة والمهرة وابين، كما سماها “الجنوب العربي السعودي شاء من شاء وابى من ابى”. حسب تعبيره، مؤكدا ما سبق أن أعلنه في ابريل الفائت سفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر بشأن انفصال جنوب اليمن في دولة مستقلة.
أكد انعقاد هذا اللقاء وما دار فيه، المستشار الإعلامي للسفارة اليمنية بالعاصمة السعودية الرياض، سابقا، ورئيس تحرير صحيفة ومركز دراسات “هنا عدن”، الناشط السياسي والاعلامي أنيس منصور، في سلسلة تغريدات على حسابه بمنصة التدوين العالمي المصغر “تويتر”.
وقال منصور في تسجيل مصور بثه على قناته في محرك بحث الفيديو العالمي “يوتيوب”: إن “الجانب السعودي من اللجنة المشكلة من ابناء تلك المحافظات تحدث باتخاذ المملكة قراراً بمنح تقرير المصير لابناء حضرموت وشبوة وابين والمهرة للانضمام الى السعودية”.
مضيفاً: إن “الجانب السعودي أكد في اللقاء اتخاذ القرار وأن لا عودة فيه ووصف محافظات حضرموت وشبوة وأبين والمهرة بالجنوب العربي السعودي شاء من شاء وابى من ابى”.
لافتا إلى استماتة السعودية منذ عقود لأن يكون لها منفذ على البحر العربي والمحيط الهندي.
وتابع: “السعودية تستميت على ان يكون لها واجهة بحرية عالمحيط الهندي عبر الشريط الساحلي من صرفيت شرقا وحتى شقرة غربا، لإدراكها حجم الثروة الطبيعية في هذه المحافظات اضافة لسهولة تطويع الانسان فيها ضمن نسيجها الوطني نظرا للتقارب الاجتماعي والثقافي والديني معها”.
المستشار الاعلامي انيس منصور مضى قائلا: “بينما يسعى مواطنو تلك المحافظات للتخلص من الهيمنة والاستحواذ المحلي تضع المملكة كل ثقلها على هذه المناطق ويتم العزف على اجمل اوتار المشاعر والامنيات لدغدغة العواطف ولكسب ود ابناء هذه المحافظات”.
متسائلا عن موقف المجلس الرئاسي، بالقول: “هل سيقدم مجلس الرئاسة اليمني احتجاجا رسميا على الاعتداء على سيادة اليمن باقتطاع جزء من اليمن لصالح الاحتلال السعودي الاماراتي، وسنسمع ردة فعل ام سيكونوا مشرعين للمؤامرات والتفريط بالاراضي اليمنية تحت مسمى الجنوب العربي السعودي”.
وأصدرت المملكة العربية السعودية، اخطر اعلان رسمي بشأن اليمن، حتى الان، منذ بدء الحرب المتواصلة للسنة الثامنة على التوالي، وكشفت عن موقفها الفعلي على ضوء التطورات المتسارعة مؤخرا، التي تشرف الرياض عليها في اليمن، سياسيا وعسكريا، إثر ازاحة الرئيس هادي ونائبه وتشكيلها مجلس قيادة رئاسي.
أعلنت السعودية، رسميا، ولأول مرة، موقفاً جديداً تجاه وحدة اليمن، هو الاول صراحة منذ عقود، بخلاف تصريحاتها السياسية والاعلامية المعتادة بما فيها قرار التدخل العسكري في اليمن وتنفيذ “عاصفة الحزم” في 25 مارس 2015م، والتي ظلت تتحدث عن “تأييد ودعم المملكة لوحدة وسيادة أراضي الجمهورية اليمنية”.
جاء ذلك في لقاء تلفزيوني للسفير السعودي في اليمن محمد آل جابر، مع برنامج “ليوان المديفير” على قناة “روتانا خليجية”، بعد تعرضه لسؤال مباشر، مبرمج سلفا: “هل السعودية مع الوحدة أو الإنفصال؟، ليرد بالقول “السعودية مع القرار اليمني والتوافق والحوار الوطني أي كانت النتيجة دون استخدام القوة طرف ضد طرف”.
وخلال المقابلة التي جاءت ضمن برنامج “ليوان المديفير” الحواري، تطرقت لمحاور عدة، وجه الإعلامي “المديفير” سؤاله للسفير السعودي، بعد أن تطرق لليمين الدستورية التي أداها عضو المجلس الرئاسي عيدروس الزبيدي، وحذف خلالها كلمتي الوحدة والجمهورية من نص القسم، متسائلاً عن كم يمن نتحدث؟.
رد السفير السعودي بالقول: “الحقيقة اليمن لدية صراعات ومشكلات كثيرة جدا منها القضية الجنوبية … وهي قضية حية وعادلة.. في المشاورات التي حصلت بالرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي كانت مخرجات المشاورات تضمنت ما يتعلق باتفاق الرياض والقضية الجنوبية ووضع نص بشأن قضية شعب الجنوب”.
مضيفا: إن مخرجات مشاورات الرياض التي دعت اليها ممثلين عن مختلف الاطراف اليمنية وامتنعت عن حضورها جماعة الحوثي مشترطة اقامتها في بلد محايد ليس طرفا بالحرب “تم وضع نص فيها بأن قضية شعب الجنوب يجب ان تناقش وفق الحل السياسي الشامل الذي سيتم اتخاذه حيث يكون لها مناقشة حقيقية”.
وتابع: المجلس الانتقالي الجنوبي، يمثل الجنوبيين من خلال تبنيه للقضية الجنوبية”. مشيراً إلى “مكونات جنوبية أخرى، واهمها المجلس الانتقالي”. مردفا: إن “ما يقرره اليمنيون على طاولة الحوار دون استخدام القوة سيحصل على دعم ليس من المملكة ودول الخليج بال من المجتمع الدولي كامل”. في اشارة لقوى المجلس الرئاسي.
السفير السعودي، قال حرفيا: “لعل التوصل لحل سياسي شامل يسمح لليمنيين جميعا مثل الحوثيين والمجلس الانتقالي وكل المكونات اليمنية الجلوس على طاولة الحوار والنقاش حول مستقبلهم كيف يريد أن يكون واذا توافقوا اليمنيون وهذا ما نريده وغلبت حكمتهم على اتفاق يحدد مسارهم المستقبلي، سنكون احد الداعمين”.
وختم سفير المملكة العربية السعودية لدى اليمن، محمد آل جابر، والمتهم بأنه “بريمر اليمن” في اشارة لكونه صاحب القرار الاول في اليمن منذ بدء التدخل العسكري للتحالف بقيادة السعودية والامارات في اليمن، حديثه بالقول: “السعودية مع القرار اليمني والتوافق والحوار الوطني دون استخدام القوة طرف ضد طرف”.
تأتي هذه التصريحات المغايرة للمواقف السعودية وقبلها قرارات مجلس الأمن التي تؤكد على وحدة وسلامة الأراضي اليمنية، في الوقت الذي اتهم نشطاء وسياسيون السعودية، بتبني مواقف مغايرة للوحدة اليمينة ولا تتحدث بشكل واضح تجاه “الوحدة” بعد أسابيع قليلة من إزاحة الرئيس هادي وتشكيل المجلس الرئاسي برئاسة رشاد العليمي.
وضغطت السعودية والامارات على الرئيس هادي ونائبه الفريق الركن علي محسن الأحمر، لنقل السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي وإصدار قرار تضمن إعلان دستوريا يعطل الدستور والمرجعيات الثلاث ويعين على رأس المجلس احد رموز النظام السابق وقيادات الفصائل العسكرية الموالية للرياض وابوظبي أعضاء فيه.
قضى القرار الاخير للرئيس هادي، بتعيين القيادي المؤتمري عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام، اللواء الدكتور رشاد محمد العليمي رئيسا لمجلس القيادة الرئاسي، وتعيين 7 اعضاء في المجلس لكل منهم صفة نائب رئيس، بينهم قادة الفصائل العسكرية المحلية الموالية لأبوظبي والرياض، والمتمردة على الشرعية وقوات الجيش الوطني الحكومية.
ضمت عضوية مجلس القيادة الرئاسي الذي اضطر الرئيس هادي لنقل السلطة اليه فجر الخميس، السابع من ابريل الفائت، وتفويضه كامل صلاحياته بضغط سعودي اماراتي مباشر، كلا من: سلطان بن علي العرادة، وطارق محمد صالح عفاش، عبدالرحمن أبو زرعة، عبدالله العليمي، عثمان حسين مجلي، عيدروس الزبيدي، فرج سالمين البحسني.
ورأى مراقبون سياسيون للشأن اليمني، محليون وغربيون، أن “نقل السلطة من هادي ونائبه لا يستند إلى مسوغ دستوري شرعي، ويعتبر اسقاطا للشرعية اليمنية ومرجعياتها الثلاث، وانهاء للتحالف العسكري لدعمها بقيادة السعودية والامارات، ودفعا لقوى موالية لكل من الرياض وابوظبي للتفاوض مع الحوثيين وتقاسم حكم اليمن سلما أو خوض قواتها معركة حسم معهم”.
مشيرين إلى أن “التحالف، بهذا التوجه الجديد، تخلى عن اليمن وامنه واستقراره، واستعدى الارادة الشعبية اليمنية الغالبة، لحماية دوله ومنشآتها النفطية من الهجمات الجوية الحوثية، وانقلب على الشرعية ومكوناتها السياسية وفي مقدمها تجمع الاصلاح وتضحياته الكبيرة في مختلف جبهات المعارك مع الحوثيين طوال سبع سنوات وتنكر لها في نهاية المطاف”. حد قولهم.
ولفتوا إلى أن “من شأن هذه التغيرات الكبيرة أن تسفر عن واقع جديد يتصدر فيه النظام السابق للرئيس علي صالح بقيادة طارق عفاش المشهد، بعد افتتاحه فروعا للمكتب السياسي لقواته في محافظات شبوة ومارب وتعز، ضمن توجه التحالف لإعادة نظام الرئيس السابق إلى الواجهة وتسليمه الزمام ودعمه سياسيا وعسكريا واقتصاديا” والبداية باعلان تقديم ثلاثة مليارات دولار.
منوهين بأن “التنافر القائم والطموحات المتضادة بين قوى فصائل التشكيلات العسكرية الموالية للرياض وابوظبي والممثلة بعضوية مجلس القيادة الرئاسي، ينذر بنشوب خلافات قد تتطور لاشتباكات وحرب اهلية ستكون عواقبها اخطر اضعافا من الحرب التي شهدتها البلاد خلال السنوات السبع الماضية”. لافتين إلى “وقائع اصطدام عدة بين القوات التابعة لهذه الفصائل”.
يشار إلى أن توجهات التحالف بقيادة السعودية والامارات حسب مراقبين للشأن اليمني “تسير منذ بداية العام الفائت باتجاه اسقاط سلطة الشرعية والجيش الوطني في المحافظات المحررة، وتقسيم اليمن الى دولتين او اقليمين اتحاديين مبدئيا، شمالي يحكمه نظام الرئيس الأسبق علي صالح عفاش بقيادة جناحه في المؤتمر الشعبي، واخر جنوبي يحكمه المجلس الانتقالي الجنوبي”.