مجتهد نيوز //
في منتصف أبريل الماضي، عقد مجلس النواب جلستين، أنتخب في واحدة منهما هيئة رئاسة جديدة، وأنهى جلسته الثانية على أمل العودة لدورة انعقاد بعد إجازة عيد رمضان، لكن البرلمان الأطول عمرا في تاريخ اليمن أضاف لنفسه لقبا جديدا، ليغدو البرلمان الأطول غيابا ربما على مستوى عالمي.
تمكن البرلمان من عقد جلستين يتيمتين في سيئون، وبعد أيام من رفع جلساته، تعرضت القاعة التي انعقدت فيها الجلسات لحريق لا تزال أسبابه غامضة حتى اليوم.
وعلى الرغم من زيارة رئيس البرلمان الجديد سلطان البركاني إلى أبوظبي في النصف الأول من يوليو الماضي، وهي الزيارة التي قال مراقبون إن غرضها الأساسي هو محاولة إقناع حكام الإمارات بالسماح لمجلس النواب بالانعقاد مرة أخرى في عدن أو سيئون، إلا أن هذا الحلم بدا بعيد المنال، فلم يتمكن البرلمان من عقد جلسة أخرى حتى اليوم.
مجلس ديكور
وعلى الرغم من خطورة الأحداث وتلاحقها، إلا أن البرلمان ظل خارج نطاق الفاعلية طوال المدة الماضية، إلى أن ظهر رئيسه وبعض أعضائه ضمن مباركي اتفاق الرياض.
الاتفاق الذي قفز على المجلس ولم يشر إلى ضرورة منحه الثقة للحكومة التي سيتم تشكيلها وتؤدي يمينها الدستورية في عدن.
يقول البعض أن تجاوز الاتفاق الموقع بين الحكومة والمجلس الانتقالي للبرلمان أمرا طبيعي نتيجة للدور الديكوري للمجلس، ولأن المجلس يعبر أيضا عن حالة اختلال القوة التي ورثتها سلطة الرئيس هادي من عهد الرئيس السابق، والتي لم تعد قادرة على التوأم مع الوقائع الجديدة، ليبقى مجلس النواب كشاهد زور، وهي الوضعية التي يبدو أن ممثلي الشعب لا يجيدون غيرها.
عضو مجلس النواب شوقي القاضي قال إن هناك بند في نصوص اتفاق الرياض ينص على ممارسة مؤسسات الدولة لأدوارها، وبالتالي لا يحتاج البرلمان إلى نص كونه من ضمن مؤسسات الدولة.
وأضاف القاضي، خلال حديثه لبرنامج “المساء اليمني” على قناة بلقيس مساء أمس، أن البرلمان حقيقة من حقائق اليمن، وبالتالي لا يحتاج إلى نص مطلقا بقدر حاجته إلى تحمل النواب مسؤولياتهم وتحمل الأحزاب السياسية، خاصة حزب المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح وبقية الكتل المسؤولية الوطنية.
المؤتمر والاصلاح
وحمل القاضي حزبي المؤتمر الشعبي العام والإصلاح مسؤولية غياب دور البرلمان في هذا الظرف كونهما يملكان أغلب المقاعد في البرلمان.
وتابع: ” نحن كأعضاء مجلس النواب خذلنا أنفسنا وخذلنا مواطنينا وخذلنا البلاد”.
مشيرا إلى أن الرئيس هادي والسعودية والإمارات لا يستطيعان تغييب البرلمان لولا قبول حزبي المؤتمر والإصلاح بذلك؛ لأن البرلمان مكون يعترف به المجتمع الدولي كله.
من جهته؛ المحلل السياسي عبدالناصر المودع قال إن اتفاق الرياض لم يعطي الدولة اليمنية ما يفترض أن يكون لها من دور، لذلك لم يشر الاتفاق لمجلس النواب ولم يحدد له أي دور.
ويرى المودع أنه من الناحية الدستورية، فحكومة معين عبدالملك وقبلها حكومة بن دغر، هي حكومات غير شرعية وغير دستورية؛ لأنها تمت من خلال التعيين وليس من خلال التكليف، وهذه مخالفة دستورية قام بها الرئيس هادي، وبالتالي الحكومات لم تحصل على الثقة من مجلس النواب، ونفس الشيء سينطبق على أي حكومة جديدة لا تتم بالإجراءات الدستورية الطبيعية المتمثلة بالتكليف ومن ثم إعلان الحكومة، وبعدها الذهاب لمجلس النواب للحصول على الثقة.
ولفت إلى أن اتفاق الرياض عبارة عن وثيقة صاغتها السعودية والإمارات وتم فرضها على اليمنيين، وبالتالي ليس لها أي قيمة قانونية أو سياسية إلا في سياق الوضع الغير طبيعي في اليمن.
القاضي عاد ليؤكد أنه ليس هناك قوة تستطيع أن تغيب البرلمان، لافتا إلى أن سلطات البرلمان ومشروعيته فوق كل السلطات باعتباره المؤسسة الشرعية الوحيدة التي لا زالت مشروعيتها قائمة.
تهميش هادي
وعن من يقف وراء المحاولات التي تسعى إلى تهميش دور البرلمان، أوضح المودع أن “الرئيس هادي والمقربين منه، ونائبه علي محسن وجماعته لا يريدون أن يمارس البرلمان دوره الحقيقي وممارسة أي شكل من أشكال الرقابة حتى لا يكون هناك مؤسسة دستورية تقف أمام تصرفاتهم في المال العام والوظيفة العامة”.
مضيفا أن السعودية لا تريد أي من مؤسسات الدولة أن تحاول الحد من سلطاتها المطلقة وحالة الوصاية على اليمن، وبالتالي تماهت مع هادي في تهميش البرلمان.
وحول ما إذا كان البرلمان سيستطيع الانعقاد من عدمه في قادم الأيام، أوضح القاضي أن المجلس لو كان لحمة واحدة لاستطاع الانعقاد والقيام بواجباته، لكنه- أي المجلس- عدو نفسه، وهو الذي عطل نفسه، خاصة بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح وما تبع ذلك من التحاق عدد كبير من النواب التابعين له بصفوف الشرعية، بحسب القاضي.
المصدر:قناة بلقيس