”الشعب يريد إسقاط النظام”.. إسقاط النظام يحتاج إلى نظام بديل والا فاللانظام أي الفوضى هي البديل.. سرقة الانتفاضات اصبحت إحدى علوم العصر وسارقوا الانتفاضات سيقودون المنتفضين إلى حيث لا يبتغون!
مجتهد نيوز
لبنان يحترق وعلى وشك الافلاس ورئيس حكومته يدفع 16 مليون دولار لعارضة أزياء وهو امير مؤمني اهل السنة والجماعة في لبنان، في مصر، الرئاسة تبني القصور وملايين الشعب تأكل من القمامة و تسكن في القبور. في العراق أنهار وبحار من النفط ودخله منه بحدود 300 مليون دولار باليوم ولاماء ولا كهرباء. هذا هو حال العالم العربي اليوم من أقصاه إلى أقصاه.
النظام الرسمي العربي اصبح منتهي الصلاحية ودوله اصبحت عاجزة عن توفير أدنى متطلبات الحياة الكريمة لمواطنيها. ووصل الانحطاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والاخلاقي الى كل مرافق الحياة، أفلا يحق لجماهير هذه الانظمة ان تطالب “بإسقاط النظام؟”.
لنجاح أي ثوره نحتاج إلى ثلاثة عناصر أساسية مترابطة أولها وجود قيادة واعية قويه وثانيها أن تعرف تماما ماذا تريد وثالثها أن تعرف الطريق للوصول إلى ذلك الهدف عبر تنظيم يستطيع أن يقود الجماهير.. هذا ما قاله كارل ماركس وهذا ما قاله التاريخ من قبله ومن بعده.
أما اذا انتفضت الشعوب على غير هدى وبدون استكمال هذه الشروط فستصبح الانتفاضة فريسة سهلة لاعدائها بما لديهم من عناصر القيادة والتنظيم والإمكانيات.
قوة الثورة المضادة متواجدة في كل قطر عبر الطابور الخامس الذي يتكون من فرق الجمعيات غير الحكومية المدعومة من المخابرات الاجنبية والتي توفر لهم التدريب والأنظمة والأدوات والمال ما لا يمتلكه المنتفضون. وللثورة المضادة غرف عمليات سوداء توجه المندسين منهم في جموع المنتفضين ويوجهونهم لحظة بلحظة ليرفعوا الشعارات التي يريدونها ليحولوا الانتفاضة الى فوضى والفوضى الى ثورة مضادة تأخذ الجماهير الى حيث لا يبتغون. والامثلة على ذلك في الربيع العربي كثيرة .
في لبنان أي نظام يريد الشعب اسقاطه ؟ هل المطلوب إسقاط نظام المحاصصة الذي هو أساس الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي في لبنان والذي يحاول الاستعمار تعميمه اينما وجد ذلك ممكناً كما حاول في العراق وسوريا؟ فإذا كان الامر كذلك فالمطلوب أن يصبح هذا هو شعار الانتفاضة تحديدا. ام المطلوب اسقاط عهد عائلة الحريري التي حكمت لبنان بالوكالة عن آخرين آخر 30 سنة تقريبا وأوصلت ديون لبنان إلى أرقام فلكية قاربت المئة مليار دولار؟ كيف للبنان أن يكون على حافة الانهيار الاقتصادي و فاسدوه المئة يملكون اكثر من 300 مليار دولار في البنوك الأجنبية حسب ما كتبته الصحافة السويسرية مؤخراً؟ ثم كيف يتم خلق العجوزات المالية والمديونية نتيجة استيراد المحروقات ومياه بحر لبنان يحوم فوق مليارات براميل النفط و تريليونات الاقدام المكعبة من الغاز والذي باع منه الكيان الصهيوني لدولتين عربيتين 25 مليار دولار مؤخراً؟ لبنان ليس فقيراً وليس مفلساً ولكن تم افقاره اقتصادياً لتركيعه سياسياً .
الذي يحدث في لبنان يمكن أن يأخذ أحد منحيين : إما ان تفرز الانتفاضة قيادة وطنية حقيقية بدون اي ارتباطات اجنبية تعرف تماماً ماذا تريد وتضع الوسيلة للوصول اليه عبر جماهيرها وعندها تنتقل الانتفاضة لتصبح ثورة يمكنها تحقيق أهدافها. أما المنحى الاخر الذي يخطط له أعداء لبنان والوطن العربي والانسانية فهو اغراق لبنان في حرب أهلية وذلك بإسقاط الحكومة وعدم امكانية تشكيل حكومة اخرى ليضطر حزب الله للنزول الى الشارع وممارسة مهام الحكومة الذي عمل جاهداً ليتجنبها وبذلك تنصب جهوده في تعقيدات السياسة والاقتصاد المحلي بدلاً من المقاومة والمجابهة مع الكيان الصهيوني بل وربما يتم انتاج ربيع عربي جديد على الطريقة التكفيرية السورية . هذا هو السيناريو الذي يدعو الى اسقاط نظام بدون نظامٍ بديل اي نقل الانتفاضات الى فوضى غير خلاقة ومدمرة وهذا ما تتبناه امريكا وحلفائها من الصهاينة العرب واللبنانيين، وليس في ذلك مصلحة لاحد سوى اعداء الامة .
د. عبد الحي زلوم
مستشار ومؤلف وباحث