مجتهد نيوز | متابعات
برزت قضية رجل المخابرات السعودية الهارب إلى كندا، سعد الجبري إلى الواجهة مؤخرا، برفعه دعوى قضائية ضد ولي العهد محمد بن سلمان، ومسؤولين آخرين، اتهمهم فيها بمحاولة اغتياله.
الجبري، وهو الذراع اليمنى لولي العهد ووزير الداخلية المعزول محمد بن نايف، اتّهم في دعواه سعود القحطاني، وأحمد عسيري، وبدر العساكر، وشخصيات أخرى بالتخطيط لاغتياله مرة في الولايات المتحدة حيث كان يقيم، وأخرى في كندا، مقر إقامته الحالي.
وتقول مصادر إن الجبري سجّل فيديو بشهادة خطيرة عن معلومات يملكها تدين محمد بن سلمان، وطلب نشرها في حال تم اغتياله.
وبحسب ما تابعت “عربي21″، فإن المعارضين السعوديين تفاعلوا مع قضية الجبري بدرجات مختلفة، إذ احتفى بعضهم بالدعوى، باعتبار أنها ضربة قوية ضد الأمير الشاب الذي بطش بمعارضيه وأقاربه، وأدخل البلاد في متاهات سياسية عديدة، فيما قال آخرون إنها لن تلحق أي ضرر بابن سلمان، مقللين من أهمية الدعوى.
وشكّك معارضون بجدية الجبري في مواجهة النظام السعودي الحالي، قائلين إنه في حال تحقيق أهدافه وعلى رأسها إخراج نجليه من السجن، وتسوية قضاياه المالية مع الحكومة التي تتهمه بالفساد، فسيعود إلى عزلته التي دامت لأكثر من سنتين عند خروجه من المملكة في 2017
وقبل أيام، نشرت المعارضة السعودية المقيمة في كندا، رجا الإدريسي، عريضة تدعو دائرة الهجرة الكندية لرفض طلب لجوء الجبري، مع تشكيكها وآخرين بالتفاصيل التي ذكرها الضابط البارز في دعواه.
الإدريسي وفي العريضة التي وقّع عليها معارضون بارزون مثل “محمد المسعري، وحمزة الحسن، وسعود السبعاني” وآخرون، قالت إن الجبري جاء إلى كندا بحثا عن الهروب من الجرائم والفساد الذي خلّفه وراءه”. (طالع العريضة)
تأثير دون تغيير
الأكاديمي والداعية سعيد بن ناصر الغامدي، رأى أن دعوى الجبري لدى المحاكم الأمريكية، ستشكّل تأثيرا على ولي العهد محمد بن سلمان، لكن في الوقت ذاته استبعد أن يكون هناك تغيير نحو الأفضل.
وقال الغامدي في حديث لـ”عربي21″، إن استبعاده أي تغيير للأفضل يعود إلى “طبيعة شخصية ابن سلمان العدوانية والمتهورة، ولوجود داعمين من دول معينة كأمريكا وفرنسا وبريطانيا”، إضافة إلى “وقوف اللوبيات الصهيونية واليمين المتطرف في صفه، ولوجود القدرة المالية والنفطية في يده”.
وأكد الغامدي أن المعلومات التي يملكها الجبري كبيرة ومؤثرة، وقال: “أتوقع أن يدير تسريبها بذكاء كما فعل حتى الآن في خطوتين خطاهما في هذا الاتجاه، ما لم تحصل صفقة معه بسكوته مقابل إطلاق عائلته”.
بدوره، رأى الناشط والمعارض حسين القحطاني، أن الجبري بدعواه الجديدة، قطع على نفسه أي طريق ممكن للعودة إلى المملكة تحت ظل حكم الملك سلمان ونجله محمد.
وقال القحطاني في حديث لـ”عربي21″، إن الهدف من هذه الدعوى إما أن يكون سعيا من رجل المخابرات السابق لتحصيل أمواله من حساباته التي تم تجميدها بالخارج، أو أن تكون وسيلة ضغط لصالح التيار المؤيد لتولي الأمير أحمد بن عبد العزيز مقاليد الحكم في البلاد.
وبحسب القحطاني فإن هذه الدعوى وأيا كانت مسبباتها، فلن تحقق أهدافها دون أن تحظى بدعم وتأييد دولي كالولايات المتحدة على سبيل المثال، متابعا بأن “هذا ما لا أراه مناسبا لهم فلن يجدوا أفضل من محمد بن سلمان يقدم لهم التنازلات الواحدة تلو الأخرى طلبا لإرضائهم، ودون اكتراث بالشعب”.
وذكّر القحطاني بأن جريمة خاشقجي ورغم وضوحها، إلا أنها لم تؤثر في طريقة تعامل الغرب مع الحكومة السعوية، فمن باب أولى عدم الاكتراث الدولي بدعوى تستند على كلام عام في محادثات “واتساب”، بحسب توصيفه.
تداعيات خطيرة
وأكّد المعارض البارز سعد الفقيه صحّة المعلومات التي ذكرها الجبري في دعواه في ما يخص محاولة اغتياله، قائلا إن الجبري شخص “ذكي ويملك دهاء”، متابعا بأن “لديه معلومات هائلة جمعها قبل المغادرة، من شأنها أن تدين ابن سلمان إدانات خطيرة”.
وقال في حديث لقناة “الحوار”، إن “فرقة النمور” التي حاولت اغتياله، كان قد طُلب من الجبري نفسه تأسيسها قبل عهد ابن سلمان، لكنه رفض.
وأضاف: “الملف الآن هو معركة قضائية، خرجت من يد وزارة العدل، وترامب، والخارجية، ومجلس الشيوخ، ولذلك فإنها ستكون خطيرة على ترامب، لأنه لو كانت بيد وزارة العدل فسيقال للمدعي العام لا تقم دعوى، ولو كانت بيد الخارجية لامتصها بومبيو وابتلعها، أو قلّل من حجمها”.
فيما قال المعارض المقيم في كندا عمر الزهراني، إن تسريبات الجبري ستجرّ خلفها تداعيات خطيرة، لا سيما أنها لا تزال مستمرة.
ولم يستبعد الزهراني في بث عبر “يوتيوب” أن تُفرض عقوبات اقتصادية على المملكة، مسلّما بصحة ادعاءات الجبري ضد “فرقة النمور” التي أرسلها ابن سلمان بهدف اغتياله، على حد قوله.
المعارض يحيى عسيري، رئيس منظمة “القسط” الحقوقية، رأى أن المصلحة الأمريكية حاليا لا تقتضي دعم نظام مثل النظام السعودي، الذي يتخذ قرارات لا يحسب عواقبها.
وتابع مصرحا لقناة “الجزيرة”: “لا نرجو من إدارة ترامب ولا أي دولة إمبريالية أن تأتي وتغير أي نظام في العالم، وكل ما نطلبه أن يكفوا أيديهم عن منطقتنا ودعم هذه الأنظمة الفاسدة، فإدارة ترامب تكرّس وجود هذه الأنظمة عبر الأموال التي تقبضها كرشاوى سياسية”، مضيفا أن هذه الأموال تكبح أي موقف أمريكي من السعودية، كقضية خاشقجي على سبيل المثال.
العلاقة مع المعارضة
يقول الغامدي، إن الجبري لم يمد يدا علنية تجاه رموز المعارضة، و”إن فعل فهناك من سيقبل، وهناك من يرفض، وكلا الفريقين يحاول الاستفادة من معلوماته، لكن التنسيق يحتاج لجهد أكبر”.
فيما قال حسين القحطاني إنه “لا يوجد في النظام السعودي شخص يعمل لسنوات طوال ويحظى بمكانة في الدولة ويكون صادقا البتة، فشخص في مكانة الجبري يعتبر كاذبا حتى يثبت صدقه وليس العكس”.
وبرر القحطاني وجهة نظر المعارضين الرافضين لمنح كندا اللجوء للجبري، قائلا إنه “لو أن كل مجرم اختلف مع مجرم آخر وهرب أعطي اللجوء لكان ذلك مضيعة لحقوق المظلومين الذين عانوا على يديه ومنهم من فقد حياته نتاج الإجرام الذي مارسته سلطة كان الجبري أحد رجالاتها النافذين”.
وقال القحطاني إنه لو كان الجبري صادقا لأخرج سجل التعذيب والقتل الذي تم في سجون وزارة الداخلية التي كان أحد مسؤوليها، لكنه لن يفعل ذلك لأنه سيدين محمد بن نايف.
انشقاقات جديدة؟
لم يستبعد معارضون سعوديون أن يتخذ ضباط بارزون خطوات مشابهة لما قام به الجبري، لا سيما ممن خدم في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز.
الأكاديمي سعيد الغامدي، قال إن حدوث انشقاقات جديدة، يعتمد على حالات، مثل: “من يشعر منهم بتفاقم الوضع ويود أن يقدم شيئا للإنقاذ، أو من يشعر أنه مهدد بالسجن أو القتل وهو قادر على الهروب”.
وأضاف: “إضافة إلى أولئك الذين لهم صلة بالأمراء الناقمين، ويضمنون لهم دعما مقابل الوقوف ضد ابن سلمان”.