مجتهد نيوز – الوطن العربي
كتب مراسل صحيفة “فايننشال تايمز” أندرو إنغلاند عن الحرب الجديدة في اليمن التي تدور بين المتحالفين ضد المتمردين الحوثيين. وهي حرب تدور رغم تحول البلد إلى مركز لأسوأ كارثة إنسانية في العالم، وهي نتاج أكثر من أربعة أعوام من الحرب التي تقودها السعودية في اليمن ضد الحوثيين الذين تدعمهم إيران.
وقال إن سيطرة الانفصاليين على ميناء عدن أدى لدخول اليمن في معاناة جديدة سببها صراع المتحالفين فيما بينهم. وأضاف أن المواجهة بين المتحالفين تعمل على تعقيد جهود الأمم المتحدة لإنهاء الحرب التي قتل فيها أكثر من 10.000 شخص، ووضعت 10 ملايين يمني على حافة المجاعة.
وتمت هزيمة الحكومة الشرعية التي تدعمها السعودية على يد الانفصاليين الجنوبيين بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، ممن تلقوا الدعم والتدريب والتسليح من الإمارات العربية المتحدة، الحليف المهم للسعودية في التحالف العربي. ودخلت المواجهة في الأسبوع الماضي مرحلة سيئة عندما اتهمت حكومة عبد ربه منصور هادي الإمارات بشن غارات جوية ضد جنودها، مخلفة عشرات من القتلى والجرحى. وقالت الدولة الخليجية إنها كانت تستهدف “ميليشيات إرهابية”، إلا أن الغارات كانت تستهدف على ما يبدو منع القوات الحكومية من التقدم واستعادة الميناء.
ويعلق إنغلاند بأن ما جرى الأسبوع الماضي هو آخر تحول كارثي في الحرب الأهلية التي اندلعت منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء عام 2014، وأدت لخروج هادي إلى عدن ومنها إلى الرياض. ويقول الكاتب إن الجنوب يواجه خطر الانهيار، فيما يتشرذم التحالف وتتعرض العلاقات السعودية – الإماراتية لحالة امتحان.
ويشير الكاتب إلى أن الحرب الأهلية في اليمن بدأت عام 2015 بهدف إعادة هادي إلى صنعاء، ثم تطورت لحرب بالوكالة اتهمت فيها السعودية والإمارات إيران بدعم الحوثيين. إلا أن الحرب دخلت حالة انسداد، معها بدأت الشقوق تظهر في التحالف عندما أعلنت الإمارات في تموز/يوليو عن خطط لسحب قواتها من اليمن على خلفية دعم المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة ووقف إطلاق النار الهش في ميناء الحديدة المهم على البحر الأحمر.
ويقول إن الدولة الخليجية تفكر منذ وقت طويل بتخفيف وجودها في اليمن لأنها سئمت من هادي، وشعرت أن وجودها في اليمن يشوه صورتها ولأن الحل العسكري بات بعيدا. وقالت إنها دربت 90.000 مقاتل جنوبي من أجل الحفاظ على الوضع وعدم ترك فراغ، إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي قام بعد فترة قصيرة بالهجوم على عدن وطرد الحكومة الشرعية. ودعت السعودية والإمارات إلى الحوار بين الأطراف اليمنية إلا أن المجلس الانتقالي نقل المعركة مرة أخرى إلى أبين وشبوة. وردت حكومة هادي، مما أدى إلى جولة من سفك الدم.
ويجب أن لا يكون هذا مثيرا للدهشة لأن القوات الموالية لحكومة هادي تحتوي على عدد من القوى ذات الأهداف المتباينة، وفيها القبلية والإسلامية والسلفية. ويقضي هادي وقته في الرياض ولا مصداقية له. وتتهمه الإمارات بوقوعه تحت تأثير حزب الإصلاح الذي تعتبره الإمارات بأنه متطرف وجزء من حركة الإخوان.
وتتعامل السعودية والإمارات مع الإخوان المسلمين كتهديد وجودي، إلا أن الرياض تعرف أنه من دون هادي فزعمها بأنها تدعم الحكومة الشرعية سيتبخر. ولهذا وصف هادي ما قامت به الإمارات بالانقلاب. وردت الإمارات بالنفي ووصفته بالضعيف. وهذا الخلاف هو صورة عن الصراع في أفقر بلد عربي. وقد تمزق المجتمع، فيما جند الحوثيون الأطفال وحولوا المساعدات الغذائية لمقاتليهم تاركين الناس جوعى.
وقتلت السعودية المسلحة بصفقات من السلاح بالمليارات من بريطانيا والولايات المتحدة آلاف المدنيين، ودمرت الأسواق والمدارس والمستشفيات، وانهار التعليم والصحة في البلاد. وفي تقرير للخبراء بالأمم المتحدة، اتهم كل الأطراف بارتكاب انتهاكات تصل إلى جرائم حرب. واستطاعت الدول الغربية بعد مقتل جمال خاشقجي العام الماضي تأمين وقف إطلاق النار في الحديدة، ولكن لم يحدث أي تقدم منذ ذلك الوقت. وحذر المبعوث الأممي مارتن غريفيث من أن الانقسام أصبح قويا وتهديدا كبيرا.