عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
لا أحد يعلم من هي الجهة التي وقفت خلف مقتل الشاعر والمغنّي الإثيوبي الأورومي هاشالو هونديسا، وفي توقيتٍ حسّاس على خلفيّة أزمة سد النهضة مع مصر، لكن يبدو أنّ المصريين، بدأوا يفركون يديهم فرحاً مع خروج مُظاهرات، على خلفيّة مقتل الشاعر هونديسا، وتُطالب برحيل رئيس الوزراء آبي أحمد والمدعوم إسرائيليّاً، مع مقتل أكثر من ستين شخصاً خلال المُظاهرات الغاضبة لمقتل هونديسا.
وبالرغم من عدم اتضاح الجهة التي وقفت خلف مقتل الشاعر “الغامض” واستمرار التّحقيقات، إلا أنّ بعض تحليلات افتراضيّة ذهبت إلى القول، بأنّ السلطات المصريّة، قد تكون خلف حادثة مقتل الشاعر، لإحداث فتنة وقلاقل، تُزعزع حُكم آبي، مما يؤدّي إلى تدهور الأوضاع الأمنيّة، والسلطات الأثيوبيّة بدأت بالفعل، باستخدام القوّة، وقطعت الانترنت، وشهدت العاصمة انفجارات نتج عنها قتلى وجرحى.
الشاعر الذي قُتِل بالرصاص، كان معروفاً بأغانيه السياسيّة، وجرى إطلاق النار عليه الاثنين في ضواحي العاصمة أديس أبابا، وكان قد قال أنه تلقّى تهديدات بالقتل، وكانت أغانيه الثوريّة تُركّز على حقوق عرقيّة الأورومو، فيما تحوّلت أغانيه إلى شعارات، وأناشيد، يهتف بها المُتظاهرون، وأدّت إلى سُقوط رئيس الوزراء السابق العام 2018.
الجماهير المفجوعة بمقتل الشاعر الثلاثيني، والذي بات أيقونة الثورة ضدّ الاضطهاد الحُكومي، خرجوا إلى المستشفى فورًا، الذي وصلت جثّته إليه، ومن ثم امتلأت الشوارع بالغاضبين على مقتله، وطالبوا بمعرفة المسؤول عن اغتياله.
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، بدا أنه تنبّه إلى تداعيات الاغتيال، والتي فجّرت الشارع، فالشاعر المقتول ينحدر من قوميّة الأورومو، والتي تقول إنها تُعاني من الاضطهاد الحُكومي مُنذ عقود، وأحمد ينحدر من ذات القوميّة، وكان آبي أحمد، قد وصل إلى السلطة ألغام 2018، على خلفيّة احتجاجات، كان مُلهمها الشاعر المقتول في ظروفٍ غامضة، ونعاه آبي واصفاً إيّاه، بالمُلهم للشباب.
الثلاثاء، خرج رئيس الوزراء آبي أحمد، في خطاب تلفزيونيٍّ، وقال إن قتل الشاعر هونديسا، “عمل شرير”، ارتكبه وحرّض عليه أعداء من الداخل، والخارج، حتى يُفسدوا كما قال علينا السلام، ويمنعونا من إنجاز الأمور التي بدأناها، ولم يُحدّد رئيس الوزراء من هم أعداء الداخل، والخارج الذين اتّهمهم بارتكابه، لكن إشارته إلى منعهم (الأعداء) من إتمام الأمور التي أنجزناها، قد تكون غير عابرة، ومقصودة، وهو التي تصر حُكومته على الذهاب إلى تعبئة سد النهضة بالمياه، سواءً بقبول مصري، أو عدمه.
اللّافت في الحادثة كما يرصد مُعلّقون، التي استهدفت الشاعر هونديسا، أنه جرى ارتكابها بشكل مُحترف، وبحسب الشرطة فإنها جريمة بدا أن مُخطّط لها، وجرى اعتقال مُشتبه بهم، ويبدو أنّ الجهة المسؤولة عن الاغتيال، قد حقّقت بعضاً من أهدافها، وهي تفجير الأوضاع، وإثارة غضب الشارع.
ومع وصول آبي أحمد، إلى السلطة، قد تكون أصابع الاتّهام مُوجّهةٌ داخليّاً، إلى قوميّة التيغراي، والتي أنهى أحمد سيطرتها على مقاليد السلطة العام 2018، وهو المُنحدر والشاعر المقتول من قوميّة الأورومو، والتي اشتكت من تهميشها في السياسة والحُكم حتى ما قبل العام 2018 على يد قوميّة التيغراي، وسيطرتها مُنذ عُقود على السلطة.
الإعلام المصري من جهته، كان مُهتمّاً، بمُتابعة الاحتجاجات في إثيوبيا، وتحديدًا تركيزه على هتافات المُتظاهرين، بسُقوط آبي أحمد، والحديث عن تؤجّج الصراع الأهلي، بعد إسقاط المُتظاهرين تمثال رأس ميكونين والد الامبراطور الإثيوبي هيلا سيلاسي، (ميكونين) الذي كان له دور في احتلال أراضي بني شنقول من السودان، وهي الأراضي التي يقام عليها سد النهضة للمُفارقة، وهو ما يفتح باب التساؤلات حول مدى ارتباط هذه الحادثة، وتداعياتها على الوضع الداخلي الإثيوبي، ومدى استقراره، وانعكاسه على مُجريات شكل النهاية في أزمة السد، حيث مصر لا تزال تتّبع الأساليب الدبلوماسيّة، وبالرغم من إمكانيّة تعرّض شعبها للعطش، وحقها القانوني بتلك المياه.