هل الرعاة الأجانب جاهزون لوقف الحرب في ليبيا؟
مجتهد نيوز //
في غياب تصاعد كبير في الدعم العسكري من قبل رعاته الأجانب، خسر الجنرال الليبي “خليفة حفتر” الآن الحرب التي بدأها ضد حكومة “الوفاق” المعترف بها دوليا في طرابلس.
ومع ذلك، يبقى السؤال حول كيفية إنهاء الحرب بالوكالة في ليبيا واستئناف العملية السياسية اللازمة لتحقيق السلام المستدام.
ولم يمثل الاستيلاء على قاعدة “الوطية” الجوية في 18 مايو/أيار من قبل مقاتلين متحالفين مع حكومة الوفاق الوطني، خسارة استراتيجية عميقة لـ”حفتر” فحسب، بل أيضا انهيارا واضحا لجهوده للاستيلاء على طرابلس وإرساء حكمه الشخصي على كل ليبيا.
وتعبيرا عن حجم الخسائر وسط انسحاب قوات “حفتر” من خطوط الجبهة الجنوبية لطرابلس، دعا راعيان رئيسيان للقوى المتحاربة، وهما روسيا وتركيا، مرة أخرى إلى وقف إطلاق النار واستئناف المحادثات السياسية.
ويبدو أن روسيا ذهبت إلى أبعد من ذلك؛ حيث قامت بإجلاء مرتزقتها من طرابلس إلى مكان لم يتم الكشف عنه بعد، ربما إلى قاعدة “الجفرة” الجوية في وسط ليبيا، حيث ورد أن روسيا أرسلت 6 مقاتلات من طراز “ميج-29” وطائرتين من طراز “سو-24”.
وفي هذه الأثناء، بدأ مؤيدو “حفتر” الرئيسيون في الشرق الأوسط، خاصة مصر والإمارات، إدراك أن دعم حرب “حفتر” كان رهانا سيئا لن يقوموا به مرة أخرى أبدا.
ووسط هزيمة “حفتر” المذلة، جدد رعاته الأجانب التواصل الدبلوماسي مع رئيس برلمان طبرق “عقيلة صالح”.
وفي 27 أبريل/نيسان، أعلن “حفتر” أن الاتفاق السياسي الليبي، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة لإنشاء حكومة الوفاق الوطني، “لاغٍ وباطل”، وأعلن نفسه حاكما لجميع ليبيا.
وردا على ذلك، ذكر “عقيلة” أنه منذ خسر “حفتر” الحرب، حولت روسيا دعمها إليه بدلا من الجنرال المهزوم.
- ماذا يحدث بعد ذلك؟
في 19 مايو/أيار، بينت “ستيفاني ويليامز”، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، السيناريوهات الرئيسية لليبيا، في إحاطة شديدة القسوة لمجلس الأمن.
وتضمنت السيناريوهات احتمال قيام جهد حربي أخير وعد به قائد القوات الجوية لـ”حفتر” الذي قال إن الحملة الجوية ستكون “الأكبر في التاريخ الليبي” ضد أهداف تركية في البلاد.
وفي 26 مايو/أيار، حذرت قيادة القوات الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم” علنا من أن الطائرات الحربية الروسية التي وصلت حديثا يمكن أن تقدم دعما جويا لمثل هذا الجهد، أو ربما تستعد للاستيلاء على قواعد على الساحل الليبي؛ ما يهدد الأمن الجوي في جنوب أوروبا على المدى الطويل.
وتماشيا مع دعوتها لوقف إطلاق النار، يمكن لروسيا والإمارات ومصر وفرنسا، الداعمة لـ”حفتر”، وتركيا، الداعمة لحكومة الوفاق الوطني، أن توقف الهجمات الجوية من كلا الجانبين من خلال التوقف عن توفير المعلومات الاستخبارية والتوجيهات اللازمة لجعلها فعالة.
وأيدت كل من هذه الدول مرارا وقف إطلاق النار منذ قمة برلين في 19 يناير/كانون الثاني برعاية المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل”، حتى عندما انخرطت في إعادة تسليح عملائها الليبيين وشاركت في مهاجمة خصومها داخل ليبيا.
ولكن بالرغم من عمليات الانتشار الروسية، فإن الدول الغربية تعتبر تركيا العائق الأجنبي الرئيسي لوقف إطلاق النار؛ فانتصار تركيا الآن يمكن حكومة “فايز السراج” من استعادة سيطرتها على أراضي ليبية إضافية إذا استمرت أنقرة في توفير الدعم الجوي والقوات من سوريا لفترة أطول قليلا.
وفي 21 مايو/أيار، طلبت ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا من تركيا الانسحاب من ليبيا. وجدد وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” الرسالة إلى رئيس الوزراء الليبي “فايز السراج” في اليوم التالي. بعد ذلك، أشار الرئيس “دونالد ترامب” إلى نفس النقطة للرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” في 24 مايو/أيار.
ويجب أن يعالج إنهاء الحرب بالوكالة بشكل مستدام مسألة شحنات الأسلحة والمواد العسكرية من قبل الرعاة الرئيسيين للحرب. كما سيتعين معالجة المصالح الاقتصادية المؤكدة للطرفين في ليبيا.
ويجب أن تتضمن أي صفقة لوقف إطلاق النار استئناف تصدير النفط الليبي، الذي أغلقه “حفتر” في يناير/كانون الثاني لتكثيف الضغط على حكومة الوفاق الوطني.
وسيوفر استئناف هذه الصادرات عملة صعبة متجددة للبلاد لشراء المواد الغذائية واللوازم الطبية والواردات الحيوية الأخرى.
وسيساعد وقف الحرب بالوكالة في مواجهة الأزمة الإنسانية المتزايدة لـ”كوفيد-19″، التي تفاقمت بسبب الهجمات الصاروخية على المستشفيات والتي قتلت الأطباء وألحقت الضرر بقدرة البلاد على الاستجابة للوباء.
- العودة إلى خارطة طريق الأمم المتحدة
ولا تزال خارطة الطريق السياسية التي وضعتها الأمم المتحدة لليبيا المسار الواقعي الوحيد لاستعادة الجدوى الاقتصادية والاستقرار السياسي والأمني.
ويمكن لأي صفقة قصيرة الأجل أن تمكن ليبيا من توليد إيرادات كافية لتوفير الأساسيات لشعبها. ويمكن للاستقرار السياسي حتى على المدى المتوسط جلب الأموال إلى جيوب الليبيين العاديين، وتعزيز جهود إعادة بناء المؤسسات الوطنية، وتوزيع الإيرادات على المحليات لتقديم الخدمات محليا، ما يمنح كل ليبي حصة من مستقبل البلاد.
ولا يمكن تحقيق شيء من ذلك حتى تقبل الأطراف التي تدير حرب الوكالة بسيادة ليبيا واحترام مصالحها الوطنية الخاصة، بدلا من معاملتها كساحة لطموحاتها المتنافسة.
ويمكن للولايات المتحدة أن تلعب دورا مهما في تحقيق اتفاق لتعزيز عملية الأمم المتحدة ومكافحة التدخل العسكري الأجنبي في الشؤون الليبية الداخلية من خلال تدابير بناء الثقة لطمأنة الرعاة الأجانب بأن حكومة ليبية موحدة لن تسيطر عليها أي دولة أجنبية أخرى.
ومن غير المؤكد أن تقبل روسيا وتركيا ومصر والإمارات هذه النتيجة بديلا عن النتيجة التي يسعون إليها في مناطق النفوذ المتنافسة، إذا ظلت ليبيا غير مستقرة.
ولكن يمكن للمرء أن يتخيل على الأقل قبولها بعض الصفقات طالما لا تستطيع حسم الحرب لصالحها.
وبالنظر إلى شخصيته وتاريخه ونواياه، سيفعل “حفتر” ما بوسعه لتحويل أي وقف لإطلاق النار إلى فرصة لإعادة التموضع واستئناف الحرب حسبما تسمح الظروف.
وأعلن “حفتر” نفسه أول مرة مسؤولا عن ليبيا في فبراير/شباط 2014. وارتكبت قواته جرائم حرب واضحة. وبالنسبة لـ”حفتر”، لا توجد خطة “ب”.
في السابق، قضى “حفتر” عقودا في المنفى في الولايات المتحدة. وإذا كان رعاته الأجانب يرغبون في تحقيق استقرار ليبيا، فربما يستطيع أحدهم تزويده بمنزل في مجمع سكني هادئ في مكان ما في الخليج.