عقب محاولات متكررة استطاع مجموعة من العلماء الوصول إلى اكتشاف علمي مذهل، ومن المتوقع ان يحدث ثورة عالمية في مستقبل الطاقة المتجددة، ويتمثل الاكتشاف الجديد في جعل ألواح الطاقة الشمسية قادرة على توليد الطاقة الكهربائية لمدة 24 ساعة متواصلة حتى في ساعات الليل.
ويعتبر توليد الكهرباء في الليل من الطاقة الشمسية في الليل، ابتكار واعد للطاقة المتجددة الموثوقة على مدار الساعات الـ24، حيث اختبر العلماء الألواح التي تستمر في إنتاج الكهرباء حتى عندما تغرب الشمس، اذ انه من المعروف ان الواح الطاقة الشمسية لا تعمل الا في النهار وتتوقف عند غروب الشمس. لذلك هناك حاجة إلى بطاريات تخزين باهظة الثمن لتمكين استخدام الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية في الليل.
وبهدف توليد الكهرباء في الليل، صمّم علماء من الأكاديمية الصينية للعلوم نظام طاقة هجينًا يجمع بين خلايا الطاقة الشمسية ثلاثية الصمامات والتقسيم الطيفي والتبريد الإشعاعي ووحدة التوليد الكهروحرارية.
وقال الباحث لدى الأكاديمية الصينية للعلوم، جيانفنغ غو، لمجلة بي في ماغازين: “يمكن تطبيق النظام المقترح على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، باستعمال المواد الكهروحرارية للطيف الشمسي المنفصل لتوليد الكهرباء” مضيفا أنه “يمكن للجمع بين تقنية التبريد الإشعاعي والمواد الكهروحرارية تحقيق توليد الكهرباء خلال الليل”، وفقًا لما نشرته بي في ماغازين (pv magazine) مؤخرًا.
كيفية توليد الكهرباء في الليل
في التشكيل المثالي للنظام المقترح، تعتمد لوحة خلايا الطاقة الشمسية على خلايا غير متجانسة مصنوعة من مواد الرقائق ثلاثية الوصلات (III-V) موضوعة في الجزء السفلي من الجانب الساخن للوحدة الكهروحرارية، لتوليد الكهرباء باستعمال فرق درجة الحرارة بين اللوحة الكهروضوئية (الشمسية) والتبريد الإشعاعي.
وتتولّد الكهرباء في الوحدات الكهروحرارية من اختلاف درجات الحرارة بين سطحين، وعادة ما يستعمل الجهاز الكهروحراري ظاهرة تُعرف باسم “التبريد الإشعاعي”، وهي ظاهرة تُرى غالبًا في الأسطح المواجهة للسماء في الليل، التي تصبح أكثر برودة من الهواء المحيط، لأنها تشع الحرارة باتجاه الفضاء مباشرة، على اعتبار أن الغلاف الجوي لا يحجب الطاقة تحت الحمراء.
وقال العلماء: “إن جهاز التبريد الإشعاعي يجب أن يواجه السماء، لذلك يُوضع في الأعلى”.تُجدر الإشارة إلى أن التبريد الإشعاعي يحدث عندما يمتص سطح الجسم إشعاعات قليلة من الغلاف الجوي ويطلق إشعاعات إضافية، ونتيجة لذلك يفقد السطح الحرارة، ويمكن تحقيق التبريد دون الحاجة إلى الكهرباء.
وكانت التجارب السابقة التي أُجريت على التبريد الإشعاعي قد أثبتت إمكان استعماله بصفته وسيلةً لتبريد المباني دون الحاجة إلى استعمال الكهرباء.
أداء الاختراع الجديد
جرت مقارنة أداء النظام الجديد بأداء نظام الخلية الشمسية، والوحدة الكهروحرارية “التقليدية”، إذ يظل لوح الطاقة الشمسية في الأعلى يعمل كجانب ساخن للوحدة الكهروحرارية، ويستعمل المشتت (المصرِّف) الحراري كجانب بارد من الوحدة الكهروحرارية في الأسفل.
من جانبها، تستعمل وحدة التوليد الكهروحرارية العديد من المزدوجات الحرارية السالبة والموجبة، وتُوضع في المنتصف لتوليد الكهرباء باستخدام فرق درجة الحرارة بين اللوح الشمسي والمشتت الحراري. وللمقارنة، طبّق علماء من الأكاديمية الصينية للعلوم نظرية تعتمد على ظروف التدفق الحراري لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة الكهروحرارية، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
قدرات الاختراع الجديد
صرّح العلماء بأن “النظام الهجين المكوَّن من الخلية الشمسية والوحدة الكهروحرارية، والمزوَّد بالتبريد الإشعاعي يتفوّق على النظام الهجين التقليدي، ليس فقط من حيث الكفاءة العالية وإنّما من حيث قدرته التشغيلية على مدار 24 ساعة”.
ووجدوا أن النظام الهجين، الذي يحتوي على خلايا رباعية الوصلات، يمكن أن يحقق كفاءة تزيد على 65%، التي وصفوها بأنها متفوقة على معظم أنظمة الطاقة الشمسية والحرارية الحالية. وقد وصلت كفاءة النظام أحادي الوصلة إلى 39.4%.
وقال العلماء إن هذه النسبة تُعدّ أعلى من الكفاءة الكهروضوئية النظرية عند تركيز 500 واط/للمتر المربع بمقدار 38.2%، وفقًا لما نشرته بي في ماغازين. وقال الباحث لدى الأكاديمية الصينية للعلوم، جيانفنغ غو: “لقد أجرينا فقط التحليل النظري والمحاكاة العددية على هذا النظام، دون تحليل اقتصادي.. في المستقبل، سنبني نظامًا تجريبيًا، وبعد ذلك سنجري تحليل التكلفة”.
وقدّم الباحثون النظام في مقال بعنوان “تعظيم الطاقة الكهربائية من خلال النظام الهجين الشمسي -الحراري- الطيفي المتكامل مع التبريد الإشعاعي”، الذي نُشر مؤخرًا في مجلة أدفانسد ساينس الأميركية.
وطبق باحثون من جامعة شنغهاي جياوتونغ في الصين، وجامعة بوردو في الولايات المتحدة، والمعهد الكتالوني لعلوم النانو وتكنولوجيا النانو، ومعهد المواد في إسبانيا، وجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية والكلية الأسترالية في الكويت، تقنية التبريد الإشعاعي مؤخرًا على تبريد الألواح الشمسية.