أفادت مصادر مطلعة على المفاوضات بين حكومة صنعاء والسعودية بأن الأخيرة بعثت رسائل لحكومة صنعاء أكدت فيها أنها لن تساهم في أي إسناد وتغطية أي تصعيد ميداني للقوات الحكومية ضدهم، وذلك حرصا على إنجاح اتفاق السلام الوشيك الذي تحاول الرياض إجبار الحكومة اليمنية على الانخراط فيه.
وقالت المصادر إن السعودية أبلغت حكومة صنعاء بأنها لن تساهم في الإسناد الجوي لأي تصعيد عسكري تقوم به القوات الحكومية في اليمن، وأنها ستترك قوات صنعاء تتعامل مع ذلك التصعيد كيفما شاءت.
وجاءت هذه الرسالة في إطار الاندفاع السعودي المستمر نحو إبرام اتفاق السلام مع حكومة صنعاء، والذي أعلن المبعوث الأممي لليمن هانز غروندبرغ هذا الأسبوع أن الأطراف توصلت إلى الالتزام بترتيباته، وفقا لخارطة طريق تتضمن وقف إطلاق النار، وصرف المرتبات وتخفيف القيود عن مطار صنعاء وميناء الحديدة، واستئناف تصدير النفط، وفتح الطرقات، والتمهيد لمفاوضات يمنية يمنية.
وبرغم الاندفاع السعودي فإن أطراف في الحكومة اليمنية أبدت خلال الفترة الماضية، وبالذات منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى في فلسطين، استعدادا للتصعيد العسكري ضد قوات صنعاء، وذلك بالتنسيق مع الولايات المتحدة بهدف مواجهة عمليات صنعاء ضد إسرائيل والسفن المرتبطة بها في البحر الأحمر، خصوصا بعد إعلان الولايات المتحدة عن تشكيل تحالف بحري لهذا الغرض.
وأكد عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي خلال زيارته لجزيرة “ميون” في باب المندب قبل أيام، استعداد القوات الجنوبية للمشاركة في أي تحالف دولي لحماية السفن ومواجهة هجمات قوات صنعاء، وقد رافقه في تلك الزيارة وزيري الدفاع والنقل بالحكومة اليمنية.
وقبلها كان الزبيدي قد التقى بالمبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ وأكد على الأمر نفسه. وفي وقت سابق من الشهر الجاري توجه عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح في زيارة مفاجئة إلى البحرين الذي يتواجد بها مقر القيادة المركزية للأسطول الخامس الأمريكي، ومقر القوات البحرية المشتركة، والتي تستضيف حاليا ضباطا مشاركين في التحالف الأمريكي البحري الذي تم تشكيله لمواجهة هجمات قوات صنعاء البحرية.
وفي أواخر نوفمبر الماضي كان طارق صالح قد التقى عسكريين أمريكيين وإسرائيليين في قاعدة عسكرية أمريكية بجيبوتي لمناقشة التحرك ضد هجمات قوات صنعاء على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.
ومنذ عودته من الولايات المتحدة بداية أكتوبر، قام رئيس هيئة الأركان صغير بن عزيز بإجراء عدة زيارات لجبهات ميدي وصعدة، مؤكدا اليقظة لأي تطورات، وذلك في الوقت الذي تحدث فيه مصدر بوزارة الدفاع لصحيفة “الشرق الأوسط” التابعة للمخابرات السعودية عن تركيز القوات الحكومية على “استغلال الحوثيين للقضية الفلسطينية” حسب وصفه.
ومع ذلك فلم تشهد الجبهات في اليمن حتى الآن تصعيدا واضحا، باستثناء إعلان عن مواجهة محدودة خلال الفترة الماضية في الحديدة، وهو الأمر الذي تفسره الرسالة السعودية لحكومة صنعاء بشأن عدم إسناد وتغطية أي تصعيد للقوات الحكومية، حيث يعتبر الغطاء الجوي عاملا رئيسيا في أي تحرك عسكري ضد قوات صنعاء.
وهذا الأسبوع نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤولين أمريكيين كبار قولهم إن “قرار مهاجمة الحوثيين لم يتخذ بعد، وإن ذلك أساسًا يرجع إلى الخوف من تجدد القتال بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية” مشيرين إلى أنه “في هذه المرحلة تحاول الولايات المتحدة تجنب تحويل الحرب في غزة إلى صراع إقليمي أوسع”. ويعني ذلك أن الولايات المتحدة أيضا تواجه مشكلة في إطلاق تصعيد ضد قوات صنعاء في الوقت الراهن، لأنها بحاجة إلى اشراك السعودية فيه، وهو أمر ترفضه الأخيرة، لتجنب عودة القتال مع قوات صنعاء.