كشفت التطورات العالمية المتسارعة في مجال الطاقة المتجددة عن وقود جديد سيزيح النفط من عرشه ويحتل مكانه، وهو مدعوماً بوفرة الكهرباء النظيفة الناتجة عن الطاقة الشمسية بالدرجة الأولى
. حيث أثبتت الدراسات أنه أكثر فعالية وأمانا وأقل كلفة بقيمة سوقية قد تبلغ 11 ترليون دولار!
ما هو هذا الوقود؟ وكيف له أن يتجرأ ويزيح النفط من صدارته؟
صرح بنك “أوف أميركا” بيانا ذكر فيه أن تكنولوجيا الهيدروجين على اختلاف أنواعها وصلت إلى أوجها بإجمالي إمكانات سوقية قد تصل إلى 11 تريليون دولار من المتوقع الوصول إليها بحلول عام 2050
ان مصطلح الهيدروجين الأخضر اسم علمي يطلق على وقود عالمي جديد يتميز بأنه خفيف وعالي التفاعل.
حيث يتطلع له الجميع في كل أنحاء العالم للاستغناء عن استخدام الوقود الأحفوري وما ينتج عنه من ضرر جسيم للبيئة فضلا عن انه أكثر فعالية وامانا وأقل كلفة.
وكدليل آخر أن العالم بات ينظر لطاقة الهيدروجين بجدية، فقد وضع الاتحاد الأوربي استراتيجيته الجديدة بهذا الخصوص منذ العام الماضي.
بينما بدأ بعض قادة الهيدروجين الأخضر في العالم التعاون مع هدف طموح لزيادة حجم إنتاجه إلى 50 ضعف الإنتاج الحالي خلال السنوات الست المقبلة.
يرى الخبراء، أن هذا الوقود الجديد سيهز عرش النفط لعدة أسباب، أهمها أنه صديق للبيئة وأكثر استدامة.
وفي حال أنه أصبح أسهل إنتاجاً وأوسع انتشاراً وأماناً في الاستخدام العام. فقد لا يجد النفط فرصة للصمود أمامه حينها.
رغم عدم إثارته الكثير من الضجة إلا أنه بات يفرض نفسه الآن، ورغم عدم تسليط الضوء بشكل مكثف على هذه الطاقة المتجددة، إلا أن تسارع الاستثمارات في هذا القطاع تكشف عن المزيد من التطور.
ومن بين الجهود مبادرة Green Hydrogen Catapult، التي أسستها مجموعة الطاقة النظيفة السعودية أكوا باور، ومطور المشروع الأسترالي CWP Renewables، وعمالقة الطاقة الأوروبية Iberdrola وØrsted.
فضلاً عن الشركة المصنعة لتوربينات الرياح الصينية Envision، ومجموعة الغاز الإيطالية Snam، وYara، منتج الأسمدة النرويجي.
وتهدف المبادرة إلى إنتاج 25 غيغاواط من الهيدروجين الأخضر – القابل للنقل بسهولة – بحلول عام 2026.
وقد يؤدي هذا الاختراق في النقل إلى دفع تكاليف الهيدروجين إلى أقل من دولارين / كغم.
مما يجعله قادراً على المنافسة مع الوقود الأحفوري.
ما هو الهيدروجين الأخضر؟
لقد ظل الهيدروجين، على مدى عقود، مثيرًا لفضول العلماء باعتباره مصدرًا للطاقة خاليًا من الكربون.
إلا أن عملية إنتاج الهيدروجين التقليدية، التي تنطوي على تعريض الوقود الأحفوري للبخار، أبعد ما تكون عن الخلوِّ من الكربون.
ويُطلق على الهيدروجين الناتج بهذه الطريقة الهيدروجين الرمادي، وفي حال عزل ثاني أكسيد الكربون عنه، يُعرف بالهيدروجين الأزرق، بحسب مجلة العلوم الأميركية.
أما الهيدروجين الأخضر فأمره مختلف؛ إذ يجري إنتاجه عن طريق التحليل الكهربائي باستخدام آلاتٍ تعمل على تحليل الماء إلى عنصرَي الهيدروجين والأكسجين، دون أي نواتج ثانوية.
وكان التحليل الكهربائي يتطلب، في المعتاد، استهلاك قدر كبيرٍ من الطاقة الكهربية، إلى الحدِّ الذي جعل من غير المعقول إنتاج الهيدروجين بتلك الطريقة.
أما اليوم، فقد شهد الوضع تغيُّرًا يُعزى إلى سببين اثنين: أولهما تَوافُر فائض من الكهرباء المتجددة بكميات كبيرة في شبكات توزيع الكهرباء؛
فعوضًا عن تخزين الكهرباء الفائضة في مجموعات كبيرة من البطاريات، يمكن الاستعانة بها في عملية التحليل الكهربائي للماء، ومن ثم “تخزين” الكهرباء في صورة هيدروجين.
وأما السبب الثاني فيرجع إلى ما تشهده آلات التحليل الكهربي من زيادةٍ في كفاءتها.
وتسعى الشركات سعيًا حثيثًا إلى تطوير آلات التحليل الكهربي التي بإمكانها إنتاج الهيدروجين الأخضر بالتكلفة ذاتها التي يُنتَج بها الهيدروجين الرمادي والأزرق.
وهو الهدف الذي يتوقع المحللون أن تتمكن الشركات من تحقيقه في غضون السنوات العشر القادمة.
وفي الوقت نفسه، شرعت شركات الطاقة في الاستعانة بآلات التحليل الكهربي مباشرةً في مشروعات الطاقة المتجددة.
فعلى سبيل المثال، ثمة ائتلاف من الشركات الراعية لمشروع يُسمى “جيجاستاك” Gigastack، يعتزم تزويد مزرعة الرياح البحرية “هورنزي تو” Hornsea Two، التابع لشركة “أورستد” Ørsted بمعدات تحليل كهربي تبلغ قدرتها 100 ميجاوات، من أجل توليد الهيدروجين الأخضر على نطاق صناعي.
الهيدروجين الأخضر 2022
ويعتبر الهيدروجين الأخضر أحد مصادر الطاقة النظيفة، وهو طاقة المستقبل ويتم إنتاجه بطريقة صديقة للبيئة، حيث يتم الحصول عليه من التحليل الكهربائي للمياه، كما إنه واحد من أهم أهداف قمة المناخ 2022، ويتم استخدامه في الأغراض المنزلية والصناعية والتجارية.
بماذا يتميز الهيدروجين الأخضر؟
هو إنتاجه من الكهرباء عديمة الانبعاثات مثل الطاقة المتجددة والنووية، ولذلك تسعى القارة الأوروبية إلى تسريع انتقال الطاقة لديها لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 55% على الأقل خلال العقد المقبل، إذ تتسبب الدول الصناعية المتقدمة في ظاهرة الاحتباس الحراري بنسبة الثُلث تقريبا.
كيفية إنتاج الهيدروجين الأخضر؟
إنتاج الهيدروجين الأخضر يتم عن طريق التحليل الكهربائي للماء، وبالتالي يتم الاحتياج إلى الماء ومحلل كهربائي كبير وإمدادات وفيرة من الكهرباء، وإذا كانت الكهرباء تأتي من مصادر متجددة مثل الرياح أو الطاقة الشمسية أو الهيدروجين، فعندئذ يكون الهيدروجين أخضر بشكل فعال.
تحديات الهيدروجين الأخضر
أبرز تحديات الهيدروجين الأخضر تتمثل في نقص المعروض من أجهزة التحليل الكهربائي الكبيرة المطلوبة لإنتاج الهيدروجين، ولا تزال الإمدادات الوفيرة من الكهرباء المتجددة تأتي بسعر مرتفع جدا.
والتحدي الثاني الذي يواجه إنتاج الهيدروجين الأخضر، هو طريقة إيصاله للمستفيدين حيث يحتاج تخزين ونقل الغاز القابل للاشتعال إلى مساحة كبيرة وأنابيب فولاذية قد لا تكون فعاله في نقله، لهذا السبب سيتطلب نقل كميات كبيرة من الهيدروجين خطوط أنابيب بمواصفات خاصة.
*استخدامات الهيدروجين الأخضر
تتجه جميع أنظار العالم نحو الهيدروجين الأخضر لأنه يحقق حلولا جذرية لقضايا التغير المناخي، ولذلك تم التطرق إليه في قمة COP27 ضمن فعاليات يوم الطاقة العالمي ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، فمن المنتظر أن يوفر الهيدروجين تخفيض 7.5% من الانبعاث الحراري بحلول عام 2025.
كما إنه يعد حلا لإزالة الكربون من القطاعات التي يصعب تقليل الكربون فيها، بالإضافة إلى خفض الانبعاثات، وسينخفض الطلب على الوقود الأحفوري بمقدار 517 ألف برميل يوميًا بحلول عام 2050، وستزيد الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة بمقدار 813 ألف برميل يوميًا.
ويستخدم الهيدروجين الأخضر في مجالات متعددة صديقة للبيئة منها ما يلي:
_يمكن حرقه لتوليد الحرارة، وبالتالي يمكن تغذيته في خلية وقود لتوليد الكهرباء.
_السيارات والشاحنات الكهربائية التي تعمل بخلايا الوقود الهيدروجينية.
_سفن الحاويات التي تعمل بالأمونيا السائلة المصنوعة من الهيدروجين.
_مصافي الفولاذ الأخضر التي تحرق الهيدروجين كمصدر للحرارة بدلًا من الفحم.
_توربينات كهربائية تعمل بالهيدروجين يمكنها توليد الكهرباء في أوقات ذروة الطلب للمساعدة في تثبيت شبكة الكهرباء.
_بديل للغاز الطبيعي للطبخ والتدفئة في المنازل.
_يساعد الهيدروجين الأخضر في تحقيق التوازن بين العرض والطلب على الكهرباء.
*مكونات الهيدروجين الأخضر
الهيدروجين الأخضر غاز غير مرئي وله العديد من الأنواع التي توصف بالألوان كالتالي:
الهيدروجين الأخضر صديق البيئة، ولا ينتج عنه انبعاثات كربونية، لذلك يتم الحديث عنه في قمة المناخ 2022 بشكل خاص.
الهيدروجين الأزرق وينتج من الغاز الطبيعي.
الهيدروجين الأسود وينتج من الفحم والنفط.
الهيدروجين الرمادي وينتج من الغاز الطبيعي أو الميثان ولكنه يطلق انبعاثات في الجو.
الهيدروجين الوردي أو الأحمر ينتج من التحليل الكهربائي المدعوم بالطاقة النووية.
الهيدروجين الأصفر ينتج من التحليل الكهربائي باستخدام الطاقة الشمسية.
الهيدروجين الفيروزي ينتج من خلال عملية الانحلال الحراري للميثان.
الهيدروجين الأبيض وهو هيدروجين جيولوجي طبيعي موجود في الرواسب الجوفية.
سعر طن الهيدروجين الأخضر
قدرت وكالة الطاقة الدولية وفقا لتقرير لها سعر طن الهيدروجين الأخضر من مصادر الطاقة المتجددة ما بين 2.5 إلى 5.5 يورو ما يعادل 2.8 إلى 6.19 دولار أمريكي، ولكن ومن المتوقع أن تنخفض التكلفة إذا ما انخفضت تكلفة عملية تحليل الماء لعناصره الرئيسية حيث الأكسجين والهيدروجين لتصل التكلفة على النصف بحلول عام 2030.
ومن المتوقع وفقا لوكالة الطاقة الدولية أن تنخفض تكاليف تحليل الماء من 900 يورو إلى 450 يورو بعد عام 2030، ثم انخفاض جديد إلى 180 يورو بعد عام 2040، وهو ما ينذر بمستقبل واعد من الطاقة النظيفة الخضراء.