تتبادل إسرائيل مع حركة حماس والجهاد الإسلامي إطلاق الصواريخ من وعلى قطاع غزة. القطاع محاصر بين الأراضي المصرية والبحر وإسرائيل، فمن أين تأتي هذه الحركات بالسلاح وبالصواريخ التي باتت تصل إلى العمق الاستراتيجي الإسرائيلي. هذه الأسئلة ومحاور أخرى طرحتها DWعربية على المحلل السياسي وخبير الجماعات الإسلامي في غزة الدكتور إبراهيم أبو سعادة.
DW: من أين لحماس وحركة الجهاد الإسلامي في غزة الصواريخ التي تطلقها على إسرائيل؟
د. إبراهيم أبو سعادة:صناعة السلاح بدأت في قطاع غزة مع بداية الانتفاضة الثانية. عام 2000 كانت هناك مؤشرات على انتفاضة الأقصى التي جاءت على انقض انتفاضة شعبية. دولة الاحتلال لم تفهم الموقف، وبدأت الجماعات الجهادية تطور منذ عام 2002 منظومتها العسكرية وخصوصا منظومة الصواريخ. وقد بدأت كاجتهادات فردية إلى أن تبنتها التنظيمات وكانت عملية صناعة المتفجرات والصواريخ عملية بدائية وذهب ضحيتها كثيرون وفقد البعض أطرافهم بسببها. الصواريخ في البداية كانت تصل إلى بضع كيلومترات لكن بعد عقد من الزمن تصل الآن إلى عشرات الكيلومترات.
يعني أن هذا التطور جاء على أساس قدرات ذاتية فقط أم أن هناك دعما خارجيا ما؟
بالتأكيد، حركة حماس والجهاد الإسلامي وكل المقاومة الفلسطينية تستفيد من الحلفاء. فالثورة الفلسطينية
قديما استفادت من الاتحاد السوفيتي السابق والصين. واليوم تستفيد من إيران وحزب الله تحديدا.
فبعد حرب عام2006، بدأت المقاومة الفلسطينية تطوير نموذج فلسطيني، يرتكز على فكرة الأنفاق والحرب بالصواريخ. وجدت إرادة فلسطينية جامحة بهذا الاتجاه وإمكانيات عند إيران وحزب الله، فالتقت الرغبة الفلسطينية والإيرانية وأنتجت منظومة الصواريخ الحالية.
في الأعوام 2006 و 2008 و 2010 تدرب كثير من الشباب في إيران وسوريا ولبنان على تصنيع الصواريخ والدروع. أما المصدر الثاني فهو صواريخ فجر 5 التي كانت تأتي إلى قطاع غزة، عبر شبكة الإمداد من السودان عبر الأحمر إلى مصر وحتى سيناء.
كانت هذه الشبكة مؤمنة، لكن في شهر آذار/ مارس الماضي قدم الأمريكان معلومات إلى الإسرائيليين عن كشف سفينة أسلحة قادمة من إيران، فأعترضتها إسرائيل في البحر الأحمر، كان في السفينة 45 صاروخا طويل المدى ومجموعة أسلحة مضادة للدروع.
إذن، أي المصادر هي الأهم بالنسبة لسلاح المقاومة؟
الصناعة الداخلية هي الأهم فخطوط الإمدادات تنقطع بسبب النظام المصري الجديد، بسبب أجندة خاصة، بعكس ما كان يسمح به نظام مبارك في مصر. فالنظام المصري الجديد يقطع خطوط الإمداد أرضاءً لرغبة قومية وإقليمية ترضي جميع الأطراف في المنطقة. فالمصدر المهم هو التصنيع المحلي وإسرائيل قصفت بالصواريخ مرات عدة مصانع تصليح هذه الأسلحة خلال حرب غزة الماضية.
أي تأثير هو الأشد بالنسبة لهذه الصواريخ، المادي والعسكري أم المعنوي، أي رسالة توصلها هذه الحركات من خلال إطلاق الصواريخ على إسرائيل؟
الحسبة بيننا وبين إسرائيل ليس حسبة قاتل ومقتول، فمنذ أن أطلقت الحركات الإسلامية في غزة الصواريخ لم تقتل أحدا في إسرائيل، بينما هناك عمليات عسكرية للجماعات الجهادية قتلت كثيرا من الجنود الإسرائيليين. الحساب مختلف هنا، فشتان بين هذه العمليات وبين صواريخ انطلقت من طور الإزعاج إلى طور التهديد الاستراتيجي. فالمناطق التي كانت آمنة في العمق الإسرائيلي لم تعد كذلك بعد اليوم.
فالصواريخ تطال حتى ما يسمى تل أبيب الكبرى. أي أن الصواريخ التي تمتلكها المقاومة الإسلامية تهدد إسرائيل بشكل استراتيجي. وأتوقع أن تقوم إسرائيل بمعالجة إستراتيجية لهذا التهديد ضد أمن مواطنيها.
أي معالجة؟
المعالجة تعتمد على ما يحدث في المنطقة، فسوريا ومصر والعراق تحارب الإرهاب، وإسرائيل ستنحت نموذجها الخاص وستجد ضالتها في محاربة الجماعات الإسلامية في هذا الوقت بالذات، وستقوم بعملية مسلحة شرسة، أشرس من 2008 و 2012.
وستجد ضالتها من خلال تغطية دولية وإقليمية، على أساس حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها من خلال تسويق حماس والأطراف الجهادية المسلحة بأنها (إرهابية) تخطف مواطنين إسرائيليين في الضفة وتطلق صواريخ على الأراضي الإسرائيلية من غزة.
الدكتور إبراهيم أبو سعادة: خبير في الجماعات الإسلامية ومحلل سياسي من قطاع غزة.