مجتهد نيوز | متابعات خاصة
شهدت جلسة استماع سكرتارية ومساعدي اعضاء الكونجرس لموجزات إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بشأن توجه الخارجية الامريكية لتصنيف جماعة الحوثي منظمة ارهابية، معركة ساخنة، جعلت من مجرياتها “فوضى مطلقة” حسب تعبير أحد المساعدين، لدرجة رفض متحدث الخارجية التعليق على المداولات مع الكونجرس.
ونقلت مجلة “فورين بوليسي” عن وقائع الجلسة إن “موظفي الكونجرس انفجروا أمام موجزات إدارة ترامب في مكالمة هاتفية بالكلمات البذيئة، الاثنين، بعد أن تحرك وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لتصنيف جماعة الحوثي اليمنية منظمة إرهابية ومضيها في إعادة تصنيف كوبا كدولة راعية للإرهاب”.
وبحسب المجلة، فإن المكالمة شملت المسؤول الأعلى في وزارة الخارجية لشؤون اليمن، تيموثي ليندركينغ ، وأثارت احتجاجات من الموظفين الجمهوريين والديمقراطيين الغاضبين من فشل الإدارة في إشراك الكونجرس مسبقًا في التصنيفات الخاصة بالمنظمات والشخصيات والدول الراعية للارهاب وفق القانون الجديد.
موضحة أنه “كان من بين الموجهين الآخرين في المكالمة كريستوفر هارنيش نائب منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية. كاري فيليبيتي ، نائبة مساعد وزيرة الخارجية لشؤون نصف الكرة الغربي ؛ وتري هيكس ، مساعد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية”، وشهدت مداولات ساخنة تخللتها ملاسنات حادة.
ونقلت عن موظفي الكونجرس قولهم إنهم “لم يسمعوا قط مسبقا موظفين يسقطون قنابل إف على مكالمة رسمية كهذه” ، وفقًا لمصدر مطلع على المكالمة. منوهة بأنه “في بعض الأوقات ، قام الموظفون بالتدخل وقاطعت الصحفيين واتهموا الإدارة بتضليل الكونغرس” وصرخ احد المساعدين “توقف عن الكذب”.
مضيفة: قال أحد موظفي الكونجرس لمسؤول الخارجية: أنت بحاجة إلى التوقف عن الكذب اللعين على الكونجرس”. نقلا عن مصدرين مطلعين على المكالمة، عندما ضغطوا على مسؤولي الإدارة حول سبب عدم إبلاغهم الكونجرس في الأشهر التي سبقت قرار التصنيف لجماعة الحوثي منظمة ارهابية.
ونوهت بأنه “يتطلب القانون الأساسي لتصنيف المنظمات الإرهابية الجديدة من البيت الأبيض إخطار الكونجرس بنيته تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية قبل سبعة أيام على الأقل. وأشار مساعدون في الكونجرس إلى أن الوزارة أرسلت إشعارها بشأن الإحاطة في غضون ساعات من إصدار بومبيو لإعلانه”.
المجلة قالت: “خلال المكالمة، سأل موظفون آخرون مسؤولي الإدارة عن عدد الأطفال اليمنيين الذين سيموتون بسبب التصنيف، متهمين الإدارة باستخدام التصنيف للعب السياسة”. ونقلت عن احد المساعدين قوله: “فيما يتعلق باليمن، لا يمكن لأحد أن يشير إلى إجراء ملموس إيجابي واحد نتيجة لهذا التصنيف”.
مضيفة: أن بعض كبار حلفاء ترامب الجمهوريين في الكابيتول هيل (الكونجرس) انتقدوا هذه الخطوة ، محذرين من عواقبها الإنسانية المدمرة المحتملة إذا لم تمنح الإدارة بسرعة إعفاءات لمنظمات الإغاثة العاملة في اليمن”. مشيرة إلى تحذيرات مجموعات الإغاثة العاملة على الأرض في اليمن والخبراء والجماعات الإنسانية.
و ذكرت المجلة تأكيد كل من السناتور الجمهوري جيم ريش، وعضو الكونجرس مايكل ماكول رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، والنائب الجمهوري في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب على التوالي، في بيان مشترك: أن “النوايا الحسنة يجب ألا تطغى عليها عواقب كبيرة غير مقصودة.”
ونقلت مجلة “فورين بوليسي” عن مجموعات الإغاثة العاملة على الأرض في اليمن، قولها في بيان مشترك صادر عنها: إن “التصنيف من المحتمل أن يتسبب في اضطرابات كبيرة في عمليات التسليم للمساعدات الاغاثية والمواد الغذائية في هذا البلد (اليمن) الذي مزقته الحرب مع تداعيات إنسانية وخيمة”.
مضيفة: “قال الخبراء والجماعات الإنسانية إن تصنيفًا بعيد المدى للحوثيين، الذين يسيطرون على 40 % من الأراضي اليمنية والجزء الأكبر من السكان، سيكون شبه مستحيل على المنظمات غير الحكومية للعمل على المدى القصير. في بلد يعتمد نحو 80% من سكانه (حوالي 24 مليون) على المساعدات الانسانية”.
وتابعت: “في ضوء الظروف القريبة من المجاعة التي كانت موجودة بالفعل في اليمن، سيكون لهذا التصنيف تأثير مدمر على الإمدادات الغذائية اليمنية والواردات الأخرى الهامة ما لم تعمل السلطة التنفيذية الآن على إصدار التراخيص اللازمة والإعفاءات والتوجيهات المناسبة قبل إصدار التصنيف للحوثيين”.
المجلة نقلت أيضا عن دبلوماسي كبير مطلع على الأمر، قوله: إن “معظم المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة ومجموعات الإغاثة تمس المؤسسات الوطنية التي يديرها الحوثيون الآن ، مما يعرضهم لعقوبات محتملة وأطواق قانونية للانتقال إليها للحصول على إعفاءات لمواصلة عملهم دون عوائق”.
وذكرت أنه “رحب مؤيدو التصنيف بقرار بومبيو، قائلين إن الخطوة ستحاسب الحوثيين على الهجمات التي تهدد السكان المدنيين أثناء العمل مع إيران لتقويض جهود السلام في اليمن.وقال منتقدون، بينهم نواب ديمقراطيون، إن هذه الخطوة ستقوض بشكل أكبر عملية السلام بين التحالف الذي تقوده السعودية وحركة الحوثي”.
مضيفة: “يتفق بعض المسؤولين الأمريكيين والدبلوماسيين، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، مع هذا التحليل. وقال الدبلوماسي البارز: من شبه المؤكد الآن أن الحوثيين ليس لهم علاقة بعملية سلام معترف بها، كل شيء يصبح غير شفاف”. في اشارة إلى تعقيد التصنيف الجهود الاممية الجارية.
ولفتت المجلة في تقرير لمراسليها لشؤون الامن القومي (جاك ديتش) والشؤون الدبلوماسية (روبي جرامر) إلى أن “القرار جاء بعد أشهر من الجدل الدائر داخل وزارة الخارجية، والذي تكرر ذهابًا وإيابًا حول تصنيف محتمل، حيث يُنظر إلى بومبيو والمبعوث الأمريكي الخاص السابق لإيران برايان هوك على أنهما داعمان أقوياء لخطط معاقبة جماعة الحوثي”.
مردفة: “مصادر مطلعة على الأمر لمجلة فورين بوليسي. يعتقد المؤيدون أن هذه الخطوة ستساعد في حملة الضغط الأقصى لإدارة ترامب ضد إيران. لكن في الوقت الذي تم فيه المضي قدمًا في مذكرة التفويض بالتصنيف، غادر هوك موقع إيران واستبدله في أغسطس 2020 بإليوت أبرامز، الذي تراجع عن هذه الخطوة، معتقدًا أنها ستدفع الحوثيين إلى الاقتراب من إيران”.
ونوهت بأنه “تعثرت المحادثات لفترة وجيزة ، حيث كانت الوكالة مشغولة بالتعامل مع القضايا في الكابيتول هيل (الكونجرس)، لكن يبدو أن بومبيو أعاد إحياء الزخم من أجل التصنيف قبل رحلة ما بعد الانتخابات إلى الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية في نوفمبر 2020 ، مع توقعات أنه قد يعلن هذه الخطوة في الرياض”.
مشيرة إلى أنه “حتى أن الأمم المتحدة سحبت الموظفين الأمريكيين من شمال اليمن تحسباً لهجمات انتقامية، لكن وزارة الخارجية توقفت، وهي خطوة يبدو أنها تهدف إلى منح السعوديين نفوذاً للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الجماعة المتمردة”. حسب تعبيرها في التقرير المعنون: “وقف الكذب: الكونغرس ومسؤولو ترامب في تبادل حاد بشأن تصنيفات الإرهاب”.
وقالت: “مع زخم التصنيف الذي بدا وكأنه يتراجع على مدى الأشهر العديدة الماضية، حاول المسؤولون الأمريكيون يائسًا التعامل مع جماعة الحوثي لإظهار مؤشرات على تراجعهم عن الإرهاب والتزامهم بعملية السلام. لكن المصادر قالت إن هجوم 30 ديسمبر 2020، والذي استهدف العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، وضع إدارة ترامب على مسار لا رجوع فيه نحو التصنيف”.
مضيفة: “وقال الدبلوماسي الكبير لمجلة فورين بوليسي: “كانت هناك رسائل محمومة تنتقل من الولايات المتحدة إلى الحوثيين [تقول]: لا تكن أغبياء، أيها الأولاد، ثم جاء حادث عدن”. “الأشخاص الذين فهموا [عرفوا] في تلك المرحلة، لم يكن هناك ما يمكن فعله لإيقاف التصنيف [أ].” منوهة بتأكيد سياسيين امريكيين بأن التصنيف لن تكون له أي جدوى عملية قدر تداعياته السلبية انسانيا.
وقالت: إن “مسؤولين حاليين وسابقين آخرين قلقون من أن التصنيف قد يؤثر على اليمنيين المعوزين ولن يفعل الكثير لتحدي جماعة الحوثي، التي تتمركز في اليمن ولا تشارك كثيرًا مع العالم الخارجي بصرف النظر عن علاقاتها مع إيران”. في إشارة إلى محدودية تأثير قرار تصنيف جماعة الحوثي منظمة ارهابية، على قدرات الجماعة المادية والعسكرية والاقتصادية.
مضيفة: قال جيرالد فيرستين، سفير الولايات المتحدة السابق إلى اليمن خلال إدارة أوباما: “لا أعتقد أن لها تأثيرًا كبيرًا على الحوثيين على الإطلاق”. ليس لديهم أي وجود دولي على الإطلاق باستثناء العلاقة مع إيران. ليس لديهم حسابات مصرفية دولية ، وليس لديهم ممتلكات في الخارج ، [و] يعتمدون بشكل كامل على إيران في دعمهم العسكري. بالنسبة لهم ، إنه صفر كبير ، إنه لا شيء “.
وتابعت مجلة “فورين بوليسي” في ختام تقريرها قائلة إن جيرالد فيرستين، وهو الآن نائب رئيس أول في معهد الشرق الأوسط، أضاف قائلا: “إنه لا شيء بالنسبة لإيران أيضًا ، ما الذي يهمهم إذا قامت الولايات المتحدة بتعيين واحدة أخرى من المنظمات التابعة لهم”. “بقدر ما أشعر بالقلق، الأشخاص الوحيدون الذين سيتضررون من هذا هم اليمنيون الأبرياء.”
وذهبت إلى أن خطوات ادارة ترامب في الوقت الضائع مفتعلة وغير واقعية فعليا وتفخخ السياسة الخارجية امام الرئيس جو بايدن، وقالت: “فريق ترامب يقوم بتحركات في اللحظة الأخيرة لملاكمة بايدن في السياسة الخارجية”. مضيفة: “في تايوان واليمن وكوبا ، تقوم إدارة ترامب بزرع ألغام أرضية سياسية لبايدن في طريقه للخروج من الباب”.
في السياق، أعلن سيناتور ديمقراطي رفيع في مجلس النواب الامريكي، في وقت سابق من يوم الثلاثاء، موقف الرئيس الامريكي جو بايدن من جماعة الحوثي وقرار وزير خارجية الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بتصيف الحوثيين منظمة ارهابية اجنبية، فيما ابدى عدد من ابرز النواب الامريكيين ديمقراطيين وجمهوريين معارضة القرار.
وقال السيناتور النافذ في مجلس النواب الامريكي غريغوري ميكس: إن “تصنيف جماعة الحوثي منظمة ارهابية يمثل قصر نظر”. مضيفا: “تصنيف جماعة الحوثي منظمة ارهابية يعرض حياة الشعب اليمني للخطر ويجب التراجع السريع عنه” حسب ما نقلته عنه قناة “الجزيرة-عاجل”.
النائب ميكس وهو رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، تابع: “لن يكون هناك أي حل مستدام في اليمن ما لم يشارك الحوثيون. من خلال تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، تدفع إدارة ترامب فقط الحل السياسي للصراع بعيدًا من متناول اليد”.
وقال السيناتور كريس مورفي، العضو البارز في الحزب الديمقراطي، إن “تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية هو حكم بالإعدام على آلاف اليمنيين”. مضيفا: “سيقطع ذلك المساعدات الإنسانية ويجعل محادثات السلام شبه مستحيلة ويعزز موقع إيران”.
السيناتور مورفي أكد على حسابه بموقع التدوين العالمي المصغر “توتير” الاثنين، أن هذا القرار لن يمر في الكونجرس، ولن يقبل به الرئيس الامريكي المترشح عن الحزب الديمقراطي والمنتخب جو بايدن، قائلا: “على جو بايدن إلغاء هذه السياسة في يومه الأول”.
لكن الامر لا يقتصر على النواب الديمقراطيين بل يمتد إلى الجمهوريين ايضا. وقال السيناتور تود يونغ، وهو جمهوري، أنه لا يوافق على سياسة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بشأن اليمن، منتقدا اعلان الخارجية الامريكية عزمها إعلان الحوثيين ارهابيين.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية (ا ف ب) عن السيناتور الجمهوري تود يونغ، قوله: إن تحرك بومبيو “سيزيد من زعزعة استقرار دولة مزقتها الحرب” ويمنع جماعات الإغاثة من تقديم المساعدات الحيوية. وتابع: “أتطلع إلى العمل مع الرئيس المنتخب بايدن وفريقه لإلغاء هذا القرار المضلل”.
تحدى بومبيو في وقت متأخر من الأحد، تحذيرات المنظمات الإنسانية وأعلن الخطوة ضد المتمردين الحوثيين، والتي يفترض أن تدخل حيز التنفيذ في 19 يناير الجاري، قبل يوم واحد من مغادرة دونالد ترامب الرئاسة، وأداء الرئيس جو بايدن اليمين رئيسا للبلاد.
وبموجب القانون الأمريكي، فإن أمام الكونغرس سبعة أيام لمراجعة ورفض تصنيف جماعة إرهابية. الامر الذي تؤكده مواقف عدد من ابرز النواب والشيوخ الديمقراطيون والجمهوريون، المعارضة لهذا التصنيف بوصفه “يؤجج الحرب في اليمن ويقوض جهود السلام”.
حسب هذه المنظمات فإن “تصنيف جماعة الحوثيين منظمة إرهابية قد يحول دون تعامل المنظمات الأممية والدولية مع سلطات الحوثيين، ويفرض عوائق أخرى مُتعلِّقة بتعسُّر التحويلات البنكية للمستفيدين من المشاريع التغذوية وإعاقة عمليات شراء الغذاء والوقود”.
وحذرت مجموعة الإغاثة الدولية من أن “تصنيف الحوثيين جماعة ارهابية، سيؤدي إلى تفاقم الوضع السيء للعمل الإغاثي في اليمن، وسط مستويات صادمة من الجوع وبيئة مُرهقة تعمل فيها الكتل الإغاثية” حسب تعبيرها في بيان اصدرته في ديسمبر الماضي.
كذلك، منظمة “هيومن رايتس ووتش” حذرت في تقرير لها قبل شهر من أن “تصنيف الحوثيين ضمن قائمة المنظمات الإرهابية قد يعرض العاملين في الحقل الإنساني للمساءلة القانونية بموجب العديد من القوانين الفدرالية بما فيها المُتعلِّقة بحظر تمويل الجماعات الإرهابية”.
يشار إلى أن المساعدات الغذائية والدوائية لنحو 25 مليون يمني يقطنون محافظات سيطرة الحوثيين، تصل إلى ميناء الحديدة أو مطار صنعاء الدولي، الذي تسيطر عليه الجماعة، ما قد يُتيح المجال أمام خصوم الجماعة لاتهام المنظمات الانسانية بتمويل جماعة ارهابية.