مجتهد نيوز | متابعات
بعد سنوات من الدعم والحماية من الملاحقات تخلت السعودية عن أحد أهم وأثقل قيادات حزب الإصلاح في اليمن، عبدالمجيد الزنداني، الذي احتضنته المملكة منذ بداية عملياتها العسكرية على اليمن إذ تمكن من الفرار باتجاهها، ورغم أنها وفرت له الإقامة على أراضيها إلا أنها حددت له نطاقاً جغرافياً معيناً للتحرك ولم تسمح بتجاوزه،
بالإضافة إلى تحديد الشخصيات التي بإمكانه التقاؤها ولم تسمح له بلقاء غيرها، متعمدةً إهانته بالطرق نفسها التي تمارسها مع مسئولي حكومة هادي المقيمين هناك، في ما يشبه الاعتقال أو الإقامة الجبرية، كما يقول مراقبون.
وأشار المراقبون إلى أن إجراءات التطبيع غير المعلن مع إسرائيل التي تنجزها السعودية بوتيرة عالية، وكان من ضمنها إعلان الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي، أوجبت عليها التخلص من الزنداني وكل قيادات الإصلاح المقيمة لديها، وقطع الدعم عن عناصرهم المقاتلين نيابة عن المملكة في عدد من الجبهات في اليمن، وهو ما حدث فعلاً في مارب وغيرها، إلا أن رحيل الزنداني من السعودية ووصوله إلى تركيا أثار الكثير من علامات الاستفهام، حيث تزامن مع تحركات تركية ملحوظة للتدخل العسكري في اليمن ومقاسمة التحالف السعودي الإماراتي أطماع الاستيلاء والسيطرة على المواقع الاستراتيجية والثروات الكبيرة.
ويرى المراقبون أن اتهامات ناشطي الإصلاح للسعودية بالوقوف وراء اعتزام الولايات المتحدة الأمريكية توجيه مذكرة قضائية لتركيا تطالبها بتسليم الزنداني؛ قد تكون منطقية كون الأنباء عن النوايا الأمريكية انتشرت عقب وصول الزنداني بساعات إلى تركيا، منوهين بأن ذلك قد يكون استشعاراً متأخراً من الرياض بخطورة تواجد الزنداني في أنقرة في وقت تستعد تركيا لتدخل عسكري في اليمن قد يقوّض الوجود السعودي ويسلب المملكة ما حققته من الأطماع في البلد الذي تشن عليه تحالفاً عسكرياً وحرباً ضروساً منذ أكثر من خمس سنوات، باعتبار الزنداني قيادياً كبيراً في حزب الإصلاح ويحظى بتأييد كبير لدى منتسبي الحزب الذين يعتبرونه مرجعية دينية وأباً روحياً للجماعة، وبإمكانه التنسيق والتسهيل بشكل كبير لأي عمليات تركية في اليمن.
النوايا التركية للتدخل العسكري في اليمن ليست وليدة اللحظة، بل نتاج لقاءات كثيرة أجرتها قيادات حزب الإصلاح المقيمة في تركية مع المسئولين الأتراك على مدى السنوات الماضية، بشأن إيجاد موطئ قدم لتركيا في اليمن، من خلال تدخل عسكري يقوّض نفوذ التحالف ويقوي شوكة الإصلاح، التي باتت ضعيفة أكثر من أي وقت مضى، بعد تخلي التحالف عن دعم مقاتلي الحزب في مارب وعدد من الجبهات رغم أنهم يقاتلون نيابة عن التحالف.
ويؤكد المراقبون أن تركيا تعتبر الملاذ الأخير لحزب الإصلاح في اليمن، وتدخل تركيا قد يكون الطريقة الوحيدة المتبقية أمامهم لبقاء الحزب، فقوات صنعاء تطوقه في مارب بعد دحره من الجوف ونهم وغيرها من الجبهات، أما التحالف فيسعى إلى طرد الإصلاح من المناطق النفطية التي يسيطر عليها في حضرموت وشبوة ومارب بالضغط عليه لتوقيع اتفاق الرياض، الذي يضع مستقبل الحزب على المحك، حيث أنه لم يكن ليستطيع تمويل حروبه في اليمن لولا سيطرته على المناطق النفطية الممتدة من شبوة إلى مارب، وهو ما دفع بالحزب للتحرك باتجاه الترتيب لانقلابه على الشرعية والتحالف مستقوياً بتركيا التي تحتضن اجتماعات متواصلة لقيادات الحزب ربما ينتج عنها إعلان انقلاب وتفويض كامل لأنقرة بالتدخل عسكرياً في اليمن، الأمر الذي يفسر جزءاً كبيراً من لغز وصول الزنداني إلى تركيا في هذا التوقيت بالذات.