هل سيكون اليمن ساحة الصراع المقبلة بين روسيا وتركيا؟
مجتهد نيوز//
في تحول غير متوقع للأحداث، اضطرت قوات الجنرال “خليفة حفتر”، المدعوم من مصر والإمارات والسعودية وروسيا وفرنسا، وبشكل أقل علنية من (إسرائيل)، إلى الانسحاب من معظم مناطق الغرب الليبي، تحت وطأة هجمات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، والمدعومة بشكل رئيسي من تركيا.
في غضون أيام، دعت مصر، في مؤتمر صحفي مع “حفتر”، إلى وقف إطلاق النار وأطلقت مبادرة سلام لم يتم الرد عليها من قبل حكومة الوفاق الوطني. وفي اليوم التالي للإعلان، نقلت القاهرة شاحنات وأسلحة ثقيلة إلى الحدود المصرية الليبية في محاولة لإظهار استعدادها لاتخاذ جميع التدابير لحماية مصالحها الأمنية.
وذكر ناشطون مؤيدون لقوات “حفتر” أن مصر سترفع مستوى دعمها لـ”حفتر”، بالرغم من أنه لم يتضح بعد ماذا يعني ذلك. ويأتي هذا التطور بعد سلسلة من الهزائم الأخرى غير المبررة لـ”حفتر”، ومرتزقة مجموعة فاجنر الروسية.
وردا على فقدان 9 أنظمة دفاع صاروخي في طراز بانتسير، صعد الروس تواجدهم عن طريق جلب طائرات نفاثة. وشوهدت تركيا أيضًا وهي تورد أسلحة ثقيلة إلى منطقة إدلب الواقعة تحت النفوذ التركي في سوريا حيث استأنف الروس الضربات الجوية ضد المعارضين السوريين المدعومين من تركيا.
من الواضح إذن أن روسيا وتركيا تقعان على خطوط تماس مباشرة في الكثير من الصراعات وعلى رأسها سوريا وليبيا، لكن الجديد أن اليمن قد يتحول هو الآخر إلى ساحة جديدة للمواجهة بين موسكو وأنقرة، وفقا لتحليل نشره مركز “بيجن – السادات” الإسرائيلي للدراسات.
تركيا تتجه نحو اليمن
ووفقا للمركز العبري، فإن هناك أدلة تشير إلى أن تركيا ترغب في تعزيز مشاركتها الصلبة في اليمن، على العكس من نهجها السابق الذي يعتمد حصرا على القوة الناعمة.
ويتركز حضور تركيا في اليمن، على المناطق الساحلية في البلاد. وتبقى نقاط الاختناق البحرية الرئيسية مثل مضيق باب المندب وخليج عدن الجوائز المرغوبة التي تراقبها عدة دول، بما في ذلك إيران وروسيا.
من جانبها تسعى تركيا المناورة بين مختلف أطراف الصراع في اليمن، وربما تلجأ إلى حكومة هادي المعترف بها دوليًا لدعمها. وتعمل الحكومة اليمنية رسميا مع التحالف العربي بقيادة السعودية، والذي لن ينظر بلطف إلى مثل هذه المبادرة.
وعملت إدارة “هادي” مع حزب الإصلاح، فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، مما تسبب في احتكاك وسوء تواصل داخل التحالف العربي، بسب رفض الإمارات الشديد للتعاون مع الإصلاح. لذا يرجح المركز الإسرائيلي أن “أردوغان” سيسعى لاستغلال أي روابط إسلامية، لإيجاد موطئ قدم في اليمن.
ومع ذلك، فإن المناورات الحالية التي تقوم بها تركيا حول شبوة وسقطرى وتعز ليس مضمونة العواقب، وفقا للمركز، حيث تقع سقطرى على وجه الخصوص في مجال نفوذ الإمارات، التي تعارض بشدة التدخل التركي في المنطقة. وفي حين أن أبوظبي خفضت مشاركتها العسكرية المباشرة في اليمن، فإنها لا تزال تتمتع بنفوذ ملحوظ في سقطرى.
لكن نفوذ الإمارات في الجزيرة الاستراتيجية ليس مطلقا، وتعد هذه هي الثغرة التي يمكن أن تنفذ منها تركيا. وكما فعلت في نهجها تجاه أفريقيا وشبه القارة الهندية، استثمرت تركيا بشكل كبير في التواصل الإنساني مع أنصارها اليمنيين المحتملين عبر منظمة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH)، التي تنشط بشكل ملحوظ في الأماكن التي لا تتمتع بها الإمارات بحضور كبير مثل شبوة.
وفي حين يبدو التحالف العربي منقسما بشكل متزايد، خاصة منذ سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على عدن، يرجح مركز “بيجن” أن الإسلاميين في اليمن سوف يسعون لاستغلال هذا الفراغ، والتقدم إلى ميناء بلحاف ذي الأهمية الاستراتيجية بالنسبة إلى صادرات الغاز. وسوف يتيح ذلك لهم الوصول إلى الساحل المطل على بحر العرب ، والذي سيكون نقطة دخول محتملة لأي قوات عسكرية تركية مستقبلا.
ويشير المركز العبري إلى أن تركيا فتحت بالفعل اتصالات مع حاكم سقطرى، “رمزي محروس”، الذي يُعتقد أنه التقى بمندوبين عن المخابرات التركية في إسطنبول.
بالتزامن مع ذلك، تسعى تركيا لتعميق علاقاتها مع حزب الإصلاح الإسلامي، الذي لا يزال يتمتع بنفوذ كبير في النظام التعليمي والمؤسسات الدينية في اليمن، ولديه تأثير أيديولوجي ملحوظ على شرائح كبيرة من الشعب اليمني.
في مواجهة موسكو
بالنسبة إلى روسيا، يؤكد المركز العبري أن موسكو تعمل على الأرض في اليمن بعناية شديدة منذ سنوات طويلة، حيث نجحت في فتح قنوات حوار وتواصل مع الجميع.
وتعد أهداف روسيا أكثر تعقيدًا من أهداف تركيا في اليمن، حيث تتجنب موسكو الانحياز إلى أي طرف في الصراع. وكما هو الحال مع سوريا، تعتبر روسيا نفسها وسيطًا قويًا مؤثرًا بين العديد من الجهات، وهي تسعى لأن يُنظر إليها على أنها وسيط سياسي.
بعبارة أخرى، في حين أن موسكو لا تنحاز بشكل صريح إلى أي من قوات “هادي” أو الحوثيين أو الإصلاح أو حتى الجنوبيين الانفصاليين، فإنها تدخل في حوارات مع جميع الأطراف. وبالنسبة لروسيا، فإن النتيجة النهائية لصراع السلطة في اليمن تبقى أقل أهمية مقارنة بهدفها الكبير المتمثل في إنشاء قواعد عسكرية حول باب المندب، وكسب النفوذ السياسي بشكل عام، وإدارة صادرات الغاز، والقدرة على الاستفادة من دورها في اليمن لممارسة أدوار أكبر في المنطقة.
ونتيجة لذلك، يخلص مركز “بيجن” أنه طالما أن تركيا تحترم هذه الحدود ولا تتعارض مع روسيا بشأن مصالحها، فسوف يمكن للبلدين متابعة أهدافهما جنبًا إلى جنب. ولكن إذا سعت تركيا للتدخل عسكريا، فسوف تكون موسكو مضطرة هي الأخرى للانحياز إلى طرف واضح في الصراع.
وسوف تعتمد هوية هذا الطرف على من تعتقد موسكو أنه سيكون الفائز المحتمل في الصراع المستمر منذ أكثر من ستة أعوام.