بينما تهُب الصين وروسيا لنجدة الولايات المتحدة والوقوف إلى جانبها لمُساعَدتها في مُواجهة وباء الكورونا، في خطوةٍ إنسانيّةٍ لافتة، لا تُبدي إدارة الرئيس دونالد ترامب أيّ تحرّك لتخفيف مُعاناة الدّول والشّعوب الأخرى التي تفرض عليها عُقوبات قاسية تُؤدِّي إلى استِفحال الوباء وزيادة أعداد المُصابين والموتى.
مساء الأربعاء هبطت طائرة شحن روسيّة عملاقة في مطار نيويورك مُحمَّلة بأطنانٍ من الأقنعة والمَعدّات والتّجهيزات الطبيّة، وجاءت هذه الخطوة التطوعيّة الروسيّة، بعد إرسال عدّة طائرات مُماثلة إلى إيطاليا قبل أسبوعين، في تجسيدٍ للتّكافل الدوليّ في وقتِ الأزَمات، ووضع الخِلافات جانبًا.
أمريكا الدّولة العُظمى باتت تحتل المركز الأوّل عالميًّا في عدد الإصابات (213 ألف حالة)، وعدد الوفيّات (4500)، وتفوّقت على الصين وإيطاليا، وشَكَّل هذا الفيروس اختبارًا لنِظامها الصحيّ سقطَت فيه بامتِياز.
روسيا والصين وسِت دول أخرى بينها فنزويلا وإيران طلبت من إدارة الرئيس ترامب رفع العُقوبات التي تفرضها إدارته عليها استجابةً مع نِداء وجّهه أمين عام الأمم المتحدة، ولكنّ هذه الإدارة أغلقَت أُذنيها، واستمرّت في حِصاراتها غير الإنسانيّة وغير الأخلاقيّة، وبلغت الوقاحة بمايك بومبيو، وزير الخارجيّة الأمريكيّ، على الإصرار على استِخدام توصيف “الفيروس الصيني” في البيان الخِتامي لقمّة الدول الكُبرى، وهدّد الرئيس ترامب إيران بدفع ثمن غالٍ إذا حاولت قصف القوّات الأمريكيّة في العِراق.
كُنّا نتمنّى في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” عدم توجيه أيّ انتِقاد لهذه الإدارة، والحديث عن وجهها البَشِع وغير الإنساني، ولكنّها لا تترك لنا فُرصةً للإشادة بأيّ موقفٍ لها في هذا الظّرف الإنساني الصّعب، ومِن المُفارقة أنّ مُعظم دول العالم أفرَجت عن المُعتقلين في سُجونها مِثل تركيا وإيران وسورية، إلا أمريكا ودولة الاحتِلال الإسرائيلي، ممّا يَعكِس طبيعة الوجه غير الإنسانيّ البَشِع لحُكومتيّ الدّولتين.
هذا الفيروس الصّغير الذي هزّ العرش القِيادي الأمريكيّ للعالم، أراده الله أن يَكشِف هشاشة هذه القِيادة وعدم وجود ذرّة من الإنسانيّة لدى المسؤولين فيها، وهو سُبحانه وتعالى يُمهِل ولا يُهمِل.
“رأي اليوم”