ما سر مناعة إفريقيا ضد فيروس كورونا.. الحظ أم المناخ أم العجز عن الكشف؟
مجتهد نيوز//
انشغال كبير يعم الأوساط الصحية الإفريقية والدولية إزاء مستوى مناعة القارة الإفريقية، حيث الفقر والأوبئة، أمام هجمة فيروس كوفيد 19 الذي يفتك بأكثر دول العالم تقدما في المجال العلمي والطبي.
وطرحت أسئلة عديدة على مستوى منظمة الصحة العالمية وعلى مستوى اللجنة الصحية في إفريقيا لاستكشاف أسباب مناعة دول القارة التي تؤكدها محدودية الإصابات المسجلة حتى الساعة.
وبينما ذهب محللون إلى أن هذه المناعة تعود لسخونة طقس القارة غير المناسب لانتشار الفيروس، ذهب آخرون إلى أن هذه المناعة مجرد حظ.
غير أن خبراء صحيين أفارقة يتخوفون من أمر آخر هو عدم دقة فحوصات الكشف لدى غالبية بلدان القارة، وهنا يكمن الخطر، فمن المحتمل أن يكون الفيروس موجودا يتنقل في دورات حضانة خفية لكنه غير مكتشف.
وضمن التدقيق في ناحية الكشف، أعلن تيدرو أدانوم مدير عام منظمة الصحة العالمية أن “40 دولة إفريقية تتوفر حاليا على وسائل أكيدة للكشف عن فيروس كوفيد 19”.
وقال في نقطة صحافية بجنيف: “في البداية أكدت المنظمة العالمية للصحة قلقها البالغ إزاء إفريقيا بسبب هشاشة أنظمة الصحة في غالب دولها، وقررت المنظمة تخصيص الممكن من الوسائل لتمكين بلدان افريقيا ما وراء الصحراء، بصورة خاصة، من الاستعداد لمواجهة هذا الوباء”.
وأكد تيدرو أدانوم مدير عام منظمة الصحة العالمية أنه “فيما كانت بلدان القارة ترسل عينات من الدم لمخابر عالمية للحصول على تأكيد أو نفي الإصابة بالفيروس، تحسنت خلال الأسبوعين الأخيرين قدرات الكشف الفنية عن الفيروس حيث أصبحت 40 دولة إفريقية تتوفر على القدرة التامة على الكشف”.
وقال: “نسعى لأن يكون تعامل دول إفريقيا مع الفيروس تعاملا منسقا، وقد عقد اجتماع هام في هذا الصدد يوم الجمعة الماضي، مخصص لتنسيق الكشف والتحضير لمواجهة الفيروس وطنيا وقاريا”.
وكان المختصون قد حذروا من احتمال انتشار واسع لفيروس كورونا في إفريقيا بسبب روابطها القوية مع الصين الموطن الأصلي للفيروس الفتاك، وبالنظر لضعف شبكتها الصحية.
وتحدث محللون مهتمون بمتابعة الفيروس عن حماية للقارة الإفريقية يوفرها المناخ، حيث أكد البروفيسور يازدان يانداباناه رئيس مصلحة الأمراض المعدية في مستشفى بيشات في باريس عن “احتمال أن يكون الفيروس عاجزا عن التكاثر والتنقل في النظام البيئي الإفريقي الحار”، وهو احتمال نفاه البروفسور أدني آدم الخبير في مستشفى آغا خان في نيروبي قائلا: “لا يتوفر لدينا حتى الآن دليل علمي على أن للمناخ تأثيرا على تنقل الفيروس، فحتى الساعة هشاشة الأفارقة أمام الفيروس مساوية لهشاشة الآخرين”.
ويتمسك الكثيرون بأن قلة حالات الإصابة المعلن عنها في إفريقيا تعود لشيء واحد هو فشل الأنظمة الصحية في الكشف عن الفيروس.
وينفي مختصون في عدة بلدان إفريقية احتمال العجز عن الكشف من بينهم البروفيسور أمدو ألفا صال مدير معهد باستور الصحي في داكار (السنغال) الذي أكد أن الأمر ما يزال في بدايته، وقال: “لو كانت هناك حالات إصابة كثيرة في إفريقيا لظهرت للعلن، لأن منظمة الصحة العالمية وضعت العالم كله في حالة طوارئ”.
وبعد التأكد من حصول السنغال وجنوب إفريقيا على مخابر حديثة للكشف عن فيروس كورونا، وصل عدد الدول الإفريقية المتوفرة على مخابر كشف دقيقة عن الفيروس إلى 29 بلدا.
وتتوفر المصالح الصحية بالدول الإفريقية على تجربة هامة في المجال الوبائي بعد مواجهتها خلال السنوات الخمس الماضية لوباء فيروس إبيولا الفتاك.
ويقول البروفيسور ميشيل ياهو مسؤول البرامج الاستعجالية في مكتب منظمة الصحة العالمية في برازافيل: “مشكلة إفريقيا ليست في الكشف عن الفيروس، بل في القدرة على محاصرته وعلى علاج المصابين به”.
وأضاف: “معظم بلدان القارة الإفريقية لا تتوفر على وسائل لمعالجة الحالات الخطيرة، والقدرات الصحية في العواصم محدودة وخارج العواصم ضئيلة جدا، وهنا مكمن القلق”.
ويطالب مختصون صحيون أفارقة بعدم الانجراف وراء اليأس ويقولون: “علينا أن نثق في ما عندنا من وسائل، وألا ننشر الخوف والذعر، وأن نحمد الرب على ما نتمتع به نحن الأفارقة حتى الآن، من حظ كبير”.