عبدالباري عطوان : نانسي تمزق خطاب ترامب وترد الصاع صاعين.
مجتهد نيوز //
كانت السيّدة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النوّاب الأمريكيّ المرأة الحديديّة القويّة الشّجاعة بالفِعل عندما مزّقت خِطاب الرئيس دونالد ترامب، وكالت له الصّاع صاعين عندما امتنعت عن تقديمه بالعِبارات التقليديّة مِثل “من دواعي سروري”، أو “من دواعي الفخر البالغ”، واكتفت بوصفه رئيسًا للجمهوريّة، أثناء تقديمها له لإلقاء خطاب “حال الاتحاد” السنوي في المجلس أمس.
الرئيس ترامب كان في قمّة الوقاحة، والهُبوط، عندما رفض مُصافحتها لدى مدّها يدها قبل إلقائه الخِطاب فهذه ليست من شيم الرجال، والكِبار منهم خاصّةً، ولهذا استحقّ في رأينا ردّ السيّدة بيلوسي الحازم، واستخفاف أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين الذين يملكون الأغلبيّة وبِما يعكس حالة الانقسام البشعة والمُتفاقمة في أوساط النّخبة الأمريكيّة، وليس الشعب الأمريكيّ فقط، مُنذ أن جاء ترامب إلى البيت الأبيض قبل ثلاث سنوات تقريبًا.
الجمهوريّون صفّقوا له وقوفًا أكثر من مرّة، بينما تجمّد الديمقراطيّون في مقاعدهم، وانسحبت نسبة لافتة من نوّابهم من الجلسة احتِقارًا، وهي ظاهرةٌ غير مسبوقة في كُل خِطابات حالة الاتّحاد المُماثلة، الأمر الذي يُكَذِّب علنًا مزاعم الرئيس ترامب بأنّ حالة الاتّحاد الأمريكيّ “أقوى من أيّ وقتٍ مضى في التّاريخ” مثلما جاء في خطابه.
صحيح أنّ الوظائف تزدهر، والفقر يتراجع، والاقتصاد الأمريكيّ أقوى في زمنه بالمُقارنة مع الإدارة الديمقراطيّة السّابقة (إدارة أوباما)، ولكنّ هذا لا يعود إلى ذكاء الرئيس ترامب، وإنّما إلى غباء حُلفائه العرب وإذعانهم لابتِزازه، فكيف لا يزدهر هذا الاقتِصاد عندما تتبرّع المملكة العربيّة السعوديّة بـ 450 مِليار دولار أثناء زيارة ترامب للرياض، ودول خليجيّة أخرى بأكثر من 150 مِليار دولار على شكل شِراء صفقات أسلحة لإنعاش الخزينة وصِناعة السّلاح الأمريكيّ واستِثمارات ماليّة أُخرى؟
بات من شِبه المُؤكَّد أن يُبرّئ مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يحظى فيه الجمهوريّون بالأغلبيّة الرئيس ترامب من التّهم المُوجَّهة إليه بالفساد واستغلال سُلطته بشكلٍ غير قانونيّ في قضيّة أوكرانيا، ولكنّنا نعتقد أن السيّدة بيلوسي كسبت هذه الجولة بالضّربة القاضية، ومن شاهد وجه ترامب الممتقع العابِس المهموم يخرج بالانطِباع نفسه، أو هكذا نعتقد.
المُواجهة ستستمر بين المرأة الحديديّة والرئيس الأمريكي المُتهوّر في مجلس النوّاب وخارجه، وستزداد شراسةً مع اقتِراب الانتخابات الرئاسيّة في تشرين ثاني (نوفمبر) المُقبل، ومثلما جاء فوز ترامب على عكس كُل التوقّعات، فإنّنا لا نستبعد مُفاجآت مُماثلة، قد يكون من بينها عدم نجاحِه في ولايةٍ ثانيةٍ.. والسيّد خامنئي أعلم.