اربع سيناريوهات محتملة للرد الإيراني للثأر لاغتيال اللواء سليماني ورفيقه المهندس.. ما هي؟
هل يحقق البرلمان العراقي النصر الذي تنتظره طهران ويطرد القوات الامريكية؟
وكيف سيكون الرد الأمريكي على الرد الثأري الإيراني؟
ولماذا رفض خامئني فتح رسائل الوسطاء العرب لوقف التصعيد؟
مجتهد نيوز //
انتظار تنفيذ حكم الاعدام “اكثر ايلاما” من عملية التنفيذ نفسها، وهذه “القاعدة” تنطبق حاليا على الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب بعد ان اكدت القيادة الإيرانية بشكل حازم انها ستثأر لاغتيال رجلها القوي اللواء قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري، ورفيقه ابو مهدي المهندس، في غارة شنتها طائرة أمريكية مسيرة بعد وصولهما وآخرين الى مطار بغداد قادمين من زيارة خاطفة لبيروت، دون ان تحدد متى وكيف.
السيد علي خامنئي، المرشد الإيراني الأعلى، حرص وفي سابقة هي الأولى من نوعها، على رئاسة اجتماع مجلس الامن القومي يوم امس، الذي انعقد لبحث جريمة الاغتيال هذه، وكيفية الرد عليها، وأعطى تعليمات واضحة بأن يكون هذا الرد عسكريا وقويا حتى يعلم العالم بأسره ان ايران تقول وتفعل، وتنتقم لرجالها حتى لو كان الخصم دولة عظمى مثل الولايات المتحدة.
ما يؤكد هذه الحقيقة ان الإدارة الامريكية أرسلت ثلاث رسائل الى القيادة الإيرانية تحاول فيها اقناعها، او حتى تهديدها، بعدم الرد، من بينها اثنتان حملهما السفير السويسري الذي ترعى دولته المصالح الامريكية، والثالثة حملها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري، الذي حط الرحال في طهران فجأة اليوم السبت، وأكدت المعلومات المسربة ان هذه القيادة رفضت فتح هذه الرسائل، وأكدت انها لا تقبل بالوساطات، فالقرار بالرد اتُخذ ولا تراجع عنه.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو حول طبيعة هذا الرد وحجمه وتوقيته، وما يمكن ان يترتب عليه من نتائج، وتحديدا ردود الفعل الامريكية.
هناك عدة خيارات، او سيناريوهات، يمكن التكهن بها في هذا المضمار، بعد دراسة معظم التصريحات والسوابق الإيرانية، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
أولا: اغتيال شخصية أمريكية سياسية، او عسكرية كبيرة او اكثر، سواء داخل الولايات المتحدة او خارجها.
ثانيا: شن هجمات صاروخية على القواعد العسكرية الامريكية في العراق، وعددها 15 قاعدة ويتواجد فيها 5300 الف جندي الى جانب اكثر من الف متعاقد مدني، بما في ذلك قاعدة التنف على الحدود السورية العراقية التي تقطع التواصل الجغرافي العراقي السوري.
ثالثا: استهداف القواعد العسكرية الامريكية في منطقة الخليج مثل قاعدة العيديد الجوية في قطر، او قاعدة الاسطول الأمريكي الخامس البحرية في المنامة، او “الدوحة” البرية في الكويت، ورابعة في أبو ظبي.
رابعا: قصف اهداف عسكرية لدولة الاحتلال الإسرائيلي في العمق الفلسطيني المحتل، خاصة ان هناك تقارير تؤكد ان إسرائيل شاركت بطريقة او بأخرى، في عملية اغتيال اللواء سليماني، وكشفت صحف ومحطات تلفزة إسرائيلية ان ترامب اتصل هاتفيا بنتنياهو الأربعاء الماضي، ونسق معه عملية الاغتيال دون إعطاء المزيد من التفاصيل.
بعض المحللين، والعرب منهم خاصة، يقولون ان ايران لم تهاجم في السابق أي اهداف أمريكية تحسبا لردود الفعل، وتجنبا لخوض حرب بالاصالة، وليس بالإنابة معها، مثلما يحدث حاليا في العراق ولبنان واليمن وسورية، او في العمق السعودي (ابقيق وخريص، حقل الشيبة مضخات نفط خط شرق غرب النفطي)؟
وينسى هؤلاء ان الصواريخ الإيرانية اسقطت طائرة “غلوبال هوك” المسيرة فوق مضيق هرمز من على ارتفاع مقداره 20 كيلومترا، ولم يجرؤ ترامب على الانتقام، ونزودهم من الشعر بيتا بالإشارة الى اسقاط طائرة لوكربي الامريكية انتقاما لإسقاط طائرة إيرانية فوق الخليج، وبلعت أمريكا هذه الإهانة وآثرت السلامة.
ايران تريد كسب حربها بالإنابة ضد أمريكا على ارض العراق، وطرد جميع قواتها منها، وإلغاء المعاهدات التي تشرع وجودها، ويبدو انها باتت على بعد 24 ساعة من تحقيق هذا الانتصار، حيث من المقرر ان يعقد البرلمان العراقي جلسة طارئة بطلب من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، صباح الغد الاحد، لاتخاذ قرار في هذا الصدد، على أرضية تصنيف عملية اغتيال سليماني والمهندس بأنها انتهاك لهذه المعاهدات التي تحصر وجود القوات الامريكية في العراق في مجالات التدريب فقط، وحظر أي عمليات قتل للعراقيين، ولعل تأييد السيد مقتدى الصدر وكتلته “سائرون” هذه الخطوة، ربما يزيل عقبة كبيرة امام فك الارتباط العراقي الأمريكي بقرار برلماني تشريعي واضح يصدر بالأغلبية النيابية العظمى.
مسألة أخرى لا نستطيع القفز عنها في هذه العجالة، وهي ان عملية الاغتيال هذه، للرجل الثاني في ايران، وبهذه الطريقة الدموية، وعلى ارض العراق، جاءت لتخدم الجناح المتشدد في السلطة الإيرانية، وهو الجناح الذي عارض بقوة توقيع الاتفاق النووي، وتجميد عمليات التخصيب بالتالي، ومن غير المستبعد ان يطالب هذا الجناح مجددا بالانسحاب من هذا الاتفاق، والعودة الى التخصيب، وعلى اعلى المستويات، وصولا الى الردع النووي بعد تصاعد الهجمات الامريكية، واغتيال اللواء سليماني، الذي يرى انه “اعلان حرب”.
من مساخر الاقدار ان ترامب الذي عارض الحرب على العراق، وتعهد بسحب جميع القوات الامريكية من الشرق الأوسط في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية يعود كالمجرم الى مسرح الجريمة، وبات يحتاج الى غزو واحتلال جديدين للتقليص خسائر بلاده في هذا البلد التي بلغت 6 تريليونات دولار واكثر من 5 آلاف قتيل و33 الف جريح، وها هو يرسل 3500 جندي امريكي إضافي كمقدمة لأعداد اكبر.
اذا كان ترامب يعتقد انه بعملية الاغتيال هذه يعزز فرصه الانتخابية فهو مخطئ، لان الغام منطقة الشرق الاوسط، والإيرانية تحديدا، أطاحت بالرئيس جيمي كارتر الذي لم تشفع له اتفاقات كامب ديفيد، وضاعت أحلامه في الفوز بولاية ثانية بين ركام طائراته التي تحطمت في الصحراء الإيرانية وهي في طريقها لإنقاذ رهائن السفارة الامريكية في طهران، والمشكلة ان ترامب اغبى من ان يتعلم من دروس التاريخ الحديث.
القيادة الإيرانية ستنتقم لدماء اللواء سليماني ورفاقه، ولكنها ليست في عجلة من امرها، فهي دولة مؤسسات، وتحسب حساباتها جيدا، واتقان العمل من صلب ارثها وعقيدتها.. والأيام بيننا.