هل ستنجح تركيا وقطر في تغيير موازين الحرب في اليمن.
مجتهد نيوز // متابعات
في خطوة جريئة لترويض الواقع السياسي في ظل الصراع القائم في اليمن منذ قرابة خمس سنوات، تعالت الدعوات المطالبة بمصالحة وطنية بين الحوثيين والإصلاح، تصدرت لها مجموعة من شخصيات النخبة السياسية وناشطون في حزب الإصلاح وجماعة الحوثي.
يأتي هذا التوجه الطارئ بين طرفي النقيض السياسي، كردة فعل من جانب التيار الإصلاحي الذي ظلَّ على ولائه القديم لقطر وتركيا، وبالتوازي مع تغير متراجحة الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، التي بدأت ملامحها تأخذا منحًى جديدًا فيما يتعلق بعلاقة السعودية بحزب الإصلاح، بعد أن أصبحت السعودية أكثر تماهيًا مع التوجه الإماراتي العدائي ضد الحزب، وأكثر تقبلاً لفكرة إقصائه من المشهد السياسي في اليمن، وتقليل حظوظه في البقاء طرفًا مؤثرًا في صياغة الخارطة السياسية في البلاد، وهو ما حدا بكثير من الوجوه السياسية في الحزب إلى الدعوة إلى بدء صفحة جديدة مع خصوم الأمس (الحوثيين) لمواجهة المشروع الإماراتي السعودي، بعد أن استبانت نواياه غير الحسنة تجاه الطرفين كليهما.
مصالحة وطنية شاملة بين الحوثيين والإصلاح
في المقابل، رحب سياسيون بارزون في جماعة الحوثي بالشروع في عملية سلام مع الإصلاح، في حال قرر الانسلاخ من
ولائه للتحالف السعودي الإماراتي وبدء صفحة جديدة لبناء تحالف جديد وطي خلافات الماضي، لتوحيد الجهود في التصدي للوصاية الأجنبية التي أضرت بالطرفين على السواء، كما يقول المتحمسون لفكرة التقارب.
هادي.. الهروب إلى الخلف
في الوقت ذاته، تقول مصادر، إن الرئيس هادي نفسه أصبح يرى ضرورة مد جسور مع الحوثيين للحد من الجنوح الإماراتي في
محافظات جنوب اليمن التي تتجه تدريجيًا إلى الانفصال، خصوصًا بعد أن تعذر تطبيق مخرجات حوار جدة (اتفاق الرياض) الذي
رعته السعودية قبل شهرين، في الرياض بين حكومة هادي و “الانتقالي الجنوبي” المدعوم من الإمارات، بعد إعلان انقلابها وسيطرتها على القصر الجمهوري في عدن.
وقال مصدر مسؤول في الحكومة الشرعية لـ”الميدان اليمني”، اشترط عدم الإفصاح عن هويته، أن تعامل السعودية بعدم
اكتراث من التمرد في الجنوب وميلها إلى جانب الانفصاليين في مبادرتها المقترحة لاتفاق الرياض، جعل الرئيس هادي يشعر
بالخيبة من دور السعودية في إعادة المياه إلى مجاريها والتصدي للسلوك الإماراتي الذي يغذي تمرد الانتقالي وتقويض
سلطاته في جنوب البلاد، ما عزز توجساته إزاء البقاء تحت إبط القيادة السعودية غير المُطمئِنة.
جدير بالذكر أن تسريبات أفادت أن الرئيس هادي شكل لجنة سرية للتواصل مع الحوثيين من أجل تشكيل تحالف وطني جديد
لطرد القوات الإماراتية من الجنوب، بعد أن انقطع أمله في جدية السعودية في كبت التمرد الذي تموله شريكتها المارقة.
في حين كشفت تسريبات مماثلة لـ”الميدان اليمني”، عن جهود تركية قطرية، تدفع باتجاه رعاية المصالحة بين الإصلاح
والحوثيين، بهدف قلب معادلة الحرب التي أرهقت التحالف السعودي الإماراتي وكلفته الكثير من هيبته وسمعته.
مصالحة وطنية شاملة بين الحوثيين والإصلاح
وبحسب التسريبات فإن الزيارة الأخيرة لوزير النقل في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى تركيا تأتي في هذا الإطار،
علمًا أن الوزير لم يجد حرجًا في المجاهرة بإعلان دعوته إلى تدخل عسكري تركي في اليمن مماثل لتدخلها في ليبيا. وهو ما شكل صدمة غير متوقعة لتحالف الرياض وأبوظبي.
مهندسو التقارب
اللافت أن دعوات التقارب بين الإصلاح والحوثيين، لاقت تجاوبا ملحوظًا في تصريحات نخبة من السياسيين من كلا الطرفين،
المتحمسين لتشكيل جبهة مشتركة توقف العبث الخليجي في اليمن، فمن جانب الإصلاح يتصدر البادرة الناشطة توكل
كرمان، وخالد الآنسي، ووزيري النقل والداخلية في حكومة الجبواني والميسري، ومنصور الزنداني، إلى جانب القيادي البارز في حزب الإصلاح حميد الأحمر المقيم حاليا في تركيا.
في الجهة المقابلة، أبدى مسؤولون في جماعة الحوثي ترحيبهم إزاء ما اعتبروه عودة إلى الجادة، واستهلالاً لتسوية وطنية
مشتركة، وفي مقدمتهم، محمد علي الحوثي عضو ما يسمى “المجلس السياسي الأعلى” ” أعلى سلطة سياسية في
صنعاء ” وعضوا المجلس محمد البخيتي، وحسين العزي، نائب وزير خارجية صنعاء بالإضافة إلى محمد عبد السلام، الناطق الرسمي باسم الجماعة.
هذا الانفتاح المتبادل بين النخبة السياسية في تيار الإصلاح وحركة الحوثي، يبدو لكثير من المراقبين مدعاة للتفاؤل، كونه في
رأيهم يشّكل نصابًا كافيا لخوض شراكة وطنية حقيقة، في يمن ما بعد الحرب، حسب قولهم.