لهذه الأسباب… تنافس كبير وغير مسبوق بين السعودية وعُمان على محافظة المهر.
مجتهد نيوز //
تحظى المهرة حالياً برعاية إنسانية غير مسبوقة، في ظل تنافس محموم بين السعودية وعمان، مع اختلاف أهداف الدولتين من ذلك التنافس.
حيث كثفت الهيئة العمانية للأعمال الخيرية أنشطتها الإنسانية مؤخراً، لمواجهة المد السعودي الذي يسعى إلى السيطرة على المحافظة ولو بالقوة.
وسبق التحرك العسكري السعودي في المهرة، تحركات مكثفة لمركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية في مختلف مناطق المحافظة، تماماً كما فعل الهلال الأحمر الإماراتي في عدد من المحافظات الجنوبية.
وكانت الإمارات بدأت تدخلها في محافظة شبوة بتوزيع مساعدات إنسانية من قبل هلالها، قبل أن ينتهي الأمر بسجون سرية أقامتها في مختلف مناطق المحافظة، بما فيها المنشآت النفطية.
وبالعودة إلى المهرة، يرى مراقبون أن التصعيد الإنساني العماني يأتي من باب كسب أكبر نسبة من الولاءات القبلية، مقابل التمدد السعودي ومساعي الرياض لسحب تلك الولاءات التي تحظى بها مسقط في المهرة، ويؤكد المراقبون أن الأمر إجمالاً ينذر بوضع كارثي ينتظر المحافظة.
ففي وقت ترى الإمارات والسعودية المحافظة من وجهة نظر استعمارية بحتة، تهدف إلى استغلال المهرة اقتصادياً، وتحويل سكانها إلى أجراء يعملون مقابل الإغاثة الإنسانية، فإن نظرة مسقط أبعد من ذلك بكثير، فهي ترى المهرة امتداداً لأمنها واستقرارها على المدى الطويل.
لا سيما أن المهرة كانت بوابة الجحيم على السلطنة خلال حقبة الستينات والسبعينات، بدعم وتمويل سعودي وإماراتي، ولا تزال عُمان تدفع ثمنها حتى اليوم.
حيث دعمت السعودية في منتصف ستينات القرن العشرين وأوائل السبعينات الجبهة الشعبية لتحرير عُمان، التي اتخذت من مدينة ظفار العُمانية مسرحاً لعملياتها. وثارت آنذاك على والد السلطان قابوس، ومثلت المهرة ممراً لدخول السلاح والعتاد إلى السلطنة.
ورغم أن ثورة ظفار كانت ماركسية لينينية، إلا أن السعودية رأت فيها وسيلة لإضعاف جارتها عمان، ولتحقيق مكاسب ميدانية عبر احتلال المزيد من الأراض العمانية، خاصة واحة البريمي التي فشلت مراراً في اجتزائها من عُمان.
أما الإمارات فقد استغلت ثورة ظفار لإلهاء العمانيين عن المطالبة بضم إمارات الساحل المتصالح، أو ساحل عُمان، وهي نفسها التي تشكل دولة الإمارات حالياً.
وقد بقيت تلك المشيخات المتمردة عاجزة عن إقامة دولة، حتى وفاة الزعيم المصري جمال عبدالناصر، والذي كان يرى أن عمان أحق باستعادة أراضيها من بريطانيا بدلاً من استقلالها.
وقد اختزل السعوديون والإماراتيون غضبهم وحقدهم على عمان في الثورة الظفارية، التي راح ضحيتها الآلاف من العمانيين، من الطرفين، واستمر الاقتتال أكثر من عشر سنوات، وتحديداً بين عامي 1965 و1975.
وما كانت الجهود السعودية لتؤتي أكلها لولا الأهمية الاستراتيجية لمحافظة المهرة، والتي سخرها الطرفان لضرب جارهما العماني.
وعودة التحشيد العسكري السعودي إلى المهرة، رغم علمها بحساسية وضع المحافظة لدى السلطنة، يؤكد أن الرياض ماضية في تصعيد قد يصل إلى حد الاقتتال، وهو ما لا تطيقه الرياض بعد كل خسائرها في اليمن.
فالسلطنة ومنذ وصول طلائع القوافل السعودية الإنسانية إلى المهرة، بدأت بالحشد العسكري على طول الخط الحدودي الفاصل بينها ومحافظة المهرة.
وقد استبقت ذلك بمد إنساني لا يقل عن ذلك السعودي، وأنشأت مراكز طبية متعددة داخل المحافظة، رغم أنها تتكفل بدفع ميزانيتي الصحة والتعليم في المحافظة منذ التسعينات.
الإنسانية المشبوهة المقدمة من السعودية، جعلت العمانيين يفتعلون أنشطة أخرى، ما يثبت أن العمل الإنساني أصبح رسمياً واجهة للعمل العسكري والاستخباراتي في المحافظة، وبقية المناطق الجنوبية.
وإذا لم تبادر السعودية بخفض تصعيدها الإنساني في المهرة، فإن الوضع مرشح للانفجار عسكرياً، قد يدخل النظامان في حرب طويلة الأمد، إما بالوكالة كما حدث في السبعينات، أو المواجهة المباشرة كما حدث في الخمسينيات.