انقلاب في عدن وانسحاب الإمارات والرياض تبحث عن الخروج من مأزق الحرب في اليمن.
مجتهد نيوز //متابعات
طوى عام 2019 سجلّاته، وكان زاخراً بالأحداث والتحولات على الساحة اليمنية، على المسارات والأصعدة كافةً السياسية والعسكرية، والتي كان من أبرزها انقلابٌ جديد على “الشرعية”، نسجت خيوطه دولة الإمارات، التي كانت ضمن تحالف جاء ليُنهي انقلاب الحوثيين.
وبقي اليمن، في السنة الخامسة للحرب، ساحة لتصفية الحسابات بين السعودية والإمارات وإيران، وسط تخوفات من تقسيم البلاد، في حين لا يشير شيء أو يؤكد أن أصوات المدافع ستصمت قريباً.
وتواجه البلاد أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث هناك أكثر من 20 مليون نسمة يعانون المجاعة والأوبئة، ويسقط يومياً قتلى من المدنيين والعسكريين، وسط عجز أممي عن إنهاء الحرب.
انقلاب في عدن وانسحاب الإمارات
شهد عام 2019 تطورات كبيرة وأحداثاً ساخنة، فهو العام الخامس للحرب التي شنها التحالف السعودي-الإماراتي على اليمن، تحت غطاء إعادة الشرعية، وإنهاء انقلاب الحوثيين الذي نفذوه بالمشاركة مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في سبتمبر 2014.
مطلع يوليو، نقلت وسائل إعلام عن مسؤول إماراتي رفيع المستوى، أن أبوظبي بدأت بسحب قواتها من اليمن، ضمن خطة “إعادة انتشار”، لأسباب “استراتيجية وتكتيكية”.
وبعد شهر واحد فقط من ذلك الإعلان، وبالتحديد في 10 أغسطس 2019، شهدت مدينة عدن، العاصمة المؤقتة لليمن بالجنوب، انقلاباً جديداً نفذته قوات ما يسمى “المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم إماراتياً، وتمكنت من فرض سيطرتها على المدينة، قبل أن تتقدم نحو محافظتي أبين ولحج جنوباً باتجاه شبوة للسيطرة عليها.
كانت الخطة تكمن في السيطرة على المناطق الجنوبية، وإعلان ترسيم الحدود، لكن الحكومة نجحت من خلال قواتها في طرد قوات “الانتقالي” بشبوة في 22 أغسطس، والتقدم نحو مدينة عدن، ليفاجأ الجيش اليمني حينها بقصف الطيران الإماراتي تخوم العاصمة عدن في الـ29 من الشهر ذاته، ليسقط حينها نحو 300 قتيل وجريح من الجيش.
الإمارات أصدرت حينها بياناً، قالت فيه إنها قصفت “جماعات مسلحة إرهابية”، في حين خرج الرئيس اليمني متهماً أبوظبي بتنفيذ انقلاب في عدن وقصف قواته، ولجأت حكومته إلى مجلس الأمن الدولي، متهمةً الدولة الخليجية بالوقوف وراء الانقلاب.
اتفاق الرياض.. وفشل مستمر
عقب التوتر بين الحكومة اليمنية والإمارات، رعت الرياض اتفاقاً بين “الشرعية” و”المجلس الانتقالي”، وتم التوقيع على ما أطلِق عليه اسم “اتفاق الرياض” في 5 نوفمبر 2019.
يشتمل الاتفاق على بنود رئيسة، إضافة إلى ملحق للترتيبات السياسية والاقتصادية، وملحق للترتيبات العسكرية وآخر للترتيبات الأمنية بين الطرفين، اللذين شهدت قواتهما خلال الفترة الماضية نزاعاً عسكرياً وتبادلاً للسيطرة على عدة مدن جنوبية، خاصة عدن.
اتفاق الرياض
وقدَّمت الرياض، التي رعت الاتفاق، نفسها باعتبارها ضامنةً لتنفيذه، غير أن البنود الـ29 في الاتفاق وملحقاته المتعلقة بالأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، ما لبثت أن تحولت إلى مادة خصبة للسجال بين طرفيه، ولم تنفَّذ حتى الآن رغم مرور نحو شهرين على التوقيع.
ورغم انقضاء المدة الزمنية لتنفيذ معظم بنود الاتفاق، فإن بنداً واحداً تم تنفيذه، وهو المتعلق بعودة الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن، وتم ذلك بعد مرور أكثر من أسبوع ونصف الأسبوع عن المدة الزمنية التي حددها الاتفاق.
فشل أممي
وفي الطرف المقابل فشلت الأمم المتحدة حتى اليوم في تنفيذ اتفاق ستوكهولم، بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين، والموقَّع في ديسمبر 2018، ولا يزال الاتفاق حبراً على ورق، وسط محاولات متواصلة من مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، لإنقاذه من الفشل الكُلي.
وكان الطرفان توصلا إلى اتفاق يتعلق بحلّ الوضع في محافظة الحديدة الساحلية (غرب)، إضافة إلى تبادل الأسرى والمعتقلين لدى الجانبين، والذين يزيد عددهم على 15 ألفاً، وفك حصار مدينة تعز (جنوب غرب)، وغيرها من القضايا الرئيسة.
اتفاق السويد
وتعثَّر تطبيق اتفاق ستوكهولم للسلام بين الجانبين، خصوصاً ما يتعلق منه بانسحاب الحوثيين من موانئ الحديدة الثلاثة، وإطلاق شامل للأسرى والمحتجزين لدى الطرفين، وسط تبادل للاتهامات بالمسؤولية عن عرقلته.
الاتفاق كان يجب إنجازه كاملاً في أيام محددة لكن تنفيذه تعثَّر، في حين تحاول لجنة تنسيق إعادة الانتشار بالحديدة، والمكونة من الأمم المتحدة والحكومة اليمنية والحوثيين، إعادة الحياة إليه من خلال اجتماعات متواصلة تعقدها في سفينة أممية موجودة بالمياه الدولية في عرض البحر الأحمر، ومستمرة حتى اليوم.
هجمات الحوثيين على السعودية
وبينما كانت منطقة الخليج تشهد توتراً بين الولايات المتحدة وحلفائها من الإماراتيين والسعوديين من جهة، وإيران من جهة أخرى، دخل على الخط الحوثيون المتهمون بتلقي تمويل من طهران، ونفذوا هجمات كبيرة زادت من إشعال التوتر في المنطقة.
ونفذ الحوثيون عدة هجمات على مواقع ومنشآت سعودية، لكن أكبر حدث أعلنوا مسؤوليتهم عنه كان القصف الذي وقع في 14 سبتمبر 2019، واستهدف منشأتين لشركة أرامكو السعودية شرقي المملكة، وقالت حينها: إنها “نُفذت بطائرات مسيَّرة تعمل بمحركات عادية ونفاثة”.
أرامكو
وتسبب القصف، الذي تقول واشنطن إن إيران تقف وراءه وليس الحوثيين، في توقُّف نحو نصف إنتاج السعودية من النفط، وإيقاف إنتاج خمسة ملايين برميل من النفط يومياً، والذي استمر أكثر من شهر قبل أن يعود الإنتاج مجدداً.
كما تبنَّى الحوثيون هجومين سابقين، في مايو وأغسطس من العام نفسه، على منشآت لـ”أرامكو” بالسعودية، وقالت الأخيرة إن الهجمات أثرت جزئياً في الإنتاج.
الرياض تبحث عن الخروج من المأزق
ويبد أن الهجمات التي شنها الحوثيون باستمرار على الأراضي السعودية، دفعت الرياض للجوء إلى فتح خط خلفي مع المتمردين؛ لإنهاء الحرب وإعطائهم مجالاً للاستمرار في الحياة السياسية باليمن.
في 6 نوفمبر الماضي، أعلن مسؤول سعودي وجود “قناة مفتوحة” مع الحوثيين منذ 2016؛ لدعم إحلال السلام باليمن، وقال لصحفيين: “نحن نواصل هذه الاتصالات؛ لدعم السلام في اليمن”. وأكد: “لا نغلق أبوابنا مع الحوثيين”، وفقاً لـ”رويترز”.
وأضاف: “في حال كان الحوثيون جادين في خفض التصعيد وقبِلوا الحضور إلى الطاولة، فإن السعودية ستدعم طلبهم وطلب الأطراف السياسية كافةً الوصولَ إلى حل سياسي”.
وفي 21 سبتمبر الماضي، أعلن الحوثيون أنهم على استعداد للتوصل إلى حل سلمي مع الرياض، وكرروا عرضهم لاحقاً رغم تواصُل غارات التحالف.
وبدا واضحاً تقديم السعودية تنازلات كبيرة، بعد إفراجها عن 128 أسيراً، في 28 نوفمبر الماضي، بلا مقابل، في حين أفرج الحوثيون عن 7 جنود سعوديين، في 27 ديسمبر 2019، لكن بمقابل كبير.
السعودية
ونقل موقع “المصدر أونلاين” اليمني عن مصدر عسكري، قوله إنه تم الإفراج عن الأسرى السعوديين بناءً على عرض حوثي لإطلاقهم مقابل فدية مالية ضخمة، قال إنها تزيد على 25 مليون ريال سعودي، مضيفاً: “تم دفع ما بين 3 و5 ملايين ريال سعودي مقابل الإفراج عن كل شخص من الأسرى”.
أزمات سقطرى
ولم تَسلم سقطرى، الجزيرة البعيدة عن الحرب، من الصراع منذ 2018، عبر الإمارات، التي لا تزال تقوم بخطوات متسارعة من أجل فرض السيطرة عليها.
وما إن تنتهِ أزمة في أرخبيل سقطرى حتى تفتعل أبوظبي أخرى، فهربت في 15 ديسمبر 2019، عدداً من الممنوعين من السفر على ذمة قضايا أمنية، بطائرة إماراتية خاصة، في حين كانت قد دفعت، في 30 أكتوبر، مسلحين تُموِّلهم إلى محاصرة مقر السلطة المحلية في المحافظة، بهدف إسقاط السلطة الحكومية هناك، قبل أن يتم إبعادهم بالقوة.
وفي محاولتها إفشال دور السلطة المحلية، وتهييج السكان عليها، اقتحم مندوب الإمارات والمسؤول عن مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية، خلفان المزروعي، مؤسسة الكهرباء بسقطرى في 10 سبتمبر الماضي، بصحبة عدد من عناصر المجلس الانتقالي الجنوبي، ونهبوا وسحبوا مولدات كهربائية.
وفي 4 أكتوبر، أقال الرئيس اليمني، مديرَ أمن المحافظة أحمد علي الرجدهي، الذي كان قد أعلن انضمامه إلى المجلس الانتقالي الممول إماراتياً، ليحاول بعد الإقالة السيطرة على المقرات الحكومية والأمنية بقوة السلاح، قبل أن تتمكن قوات الجيش من طرد المسلحين وفرض سيطرتها بالكامل على الجزيرة.
اغتيال قيادات كبيرة
في 10 يناير 2019، نفذ الحوثيون هجوماً نوعياً، استهدف عرضاً عسكرياً لقوات الحكومة اليمنية بطائرة مسيَّرة؛ وأدى إلى مقتل وإصابة عدد من القادة والجنود بينهم رئيس دائرة الاستخبارات العسكرية بوزارة الدفاع اللواء محمد صالح طماح، ونائب رئيس أركان الجيش اليمني صالح الزنداني.
وفي 19 سبتمبر، قُتل قائد القوات السعودية الموجودة بمحافظة حضرموت (شرقي اليمن)، العميد بندر العتيبي، مع اثنين من أفراد حراسته، في انفجار عبوة ناسفة بمدينة شبام.
وفي 1 أغسطس، قُتل قائد قوات الدعم والإسناد “قوات خاصة” التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، اللواء منير اليافعي “أبو اليمامة”، في هجوم بطائرة مسيَّرة شنه الحوثيون على معسكر الجلاء بمحافظة عدن جنوبي اليمن، وهي الحجة التي دفعت “الانتقالي” إلى تنفيذ انقلابه في عدن.
وفي 30 أكتوبر، نجا وزير الدفاع اليمني، محمد المقدشي، من محاولة اغتيال، تمت بهجوم صاروخي استهدف مقر وزارة الدفاع في معسكر صحن الجن، شرقي محافظة مأرب شمال شرقي البلاد. وفي 13 نوفمبر، تعرض مقر وزارة الدفاع مرة أخرى لهجومٍ ثانٍ مجهول، أسفر عن مقتل 4 قادة عسكريين كبار وعدد من الجنود.
مجلس النواب اليمني
ولعل أحد أهم أبرز الأحداث التي شهدها اليمن، عقد مجلس النواب اليمني جلسة له، عُدَّت جلسة تاريخية بالنسبة لليمنيين، لأنها جاءت بعد توقفٍ دامَ نحو 4 سنوات.
الحديدة
وفي التفاصيل، وتحديداً في 13 أبريل، نجح مجلس النواب اليمني في عقد أولى جلساته بمدينة سيئون، ثاني كبرى مدن حضرموت (شرقي البلاد)، وتم فيها اختيار رئيس جديد للبرلمان، خلفاً لرئيسه الحالي يحيى الراعي، الموجود في صنعاء، ويقوم بإدارة جلسات للنواب الموالين للحوثيين وجناح حزب المؤتمر المتحالف معهم.
وكانت المرة الأولى وأيضاً الوحيدة التي عُقدت فيها الجلسات، فبعد 3 أيام من افتتاح الجلسات تم تعليقها، ولم يستطع البرلمان حتى اليوم عقد جلسة أخرى.