السعودية والإمارات تتخذ مسار جديد للحرب في اليمن وتنشر قواتها العسكرية على السواحل والجزر اليمنية.
مجتهد نيوز //
أصبحت مهنة الصيد تشكل خطراً على حياة الصيادين اليمنيين وسلامتهم، وبات الكثير منهم يعاني فقراً مدقعاً، إذ يعيش معظمهم تحت خط الفقر، نتيجة الانتهاكات التي يتعرضون لها من قبل التحالف السعودي الإماراتي.
تدور رُحى حرب اليمن في البحر أيضاً، لكن مع وجود قدر أقل من المساءلة، ففي البحر، يلقى المدنيون أيضاً حتفهم وبأعداد كبيرة، حيث يُحرم الصيادين اليمنيين من البحث عن رزقهم، بل أصبحوا هدفاً عسكرياً راح ضحيته العشرات بين قتيل وجريح، في بلدٍ أنهكته حرب طاحنة ومجاعة طرحت نحو 20 مليون شخص تحت خط الفقر.
وعلى شواطئ الحديدة التي يعتاش منها آلاف الصيادين اليمنيين، يتجسد ذلك الاستهداف بأوضح صوره، حيث يتعرضون لنيران رشاشات الزوارق الحربية التي تضيّق عليهم في عرض البحر تارة، وتتلف مراكبهم وتصادر معداتهم تارة أخرى، وغالباً ما يسقط ضحايا، كما يتعرضون للاعتقال التعسفي ويخضعون للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية والمهينة.
آخر الضحايا
أواخر ديسمبر الجاري، تعرض 17 صياداً يمنياً للتعذيب الشديد والضرب المبرح، من قبل ميليشيا يمنية تمولها الإمارات، في جزيرتي “حنيش و”زقر” غربي اليمن.
تقول مصادر لـ”الخليج أونلاين”، إن الصيادين تعرضوا لأشد أنواع التعذيب على يد جنود يتبعون الإمارات، بعد احتجازهم لثلاثة أيام، والتي يتواجد فيها قوات تتبع طارق صالح نجل شقيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
اليمن
وذكرت أن الصيادين الذين أفرج عنهم، لم يسمح لهم بأخذ الأسماك التي تم اصطيادها أو أدوات الصيد البحرية، كما ظهر على أجسادهم آثار التعذيب الذي تعرضوا له.
وفي 27 ديسمبر 2019 أيضاً، كشفت وزارة الثروة السمكية التابع لجماعة الحوثي اغير معترف بها دولياً، أن الإمارات تستخدم سفينة كسجن عائم في البحر لاحتجاز الصيادين.
وأوضحت أن السفينة الإماراتية، التي تحمل اسم أبوظبي وعلى متنها جنود إريتريون وسودانيون، تلاحق الصيادين وتقتادهم مع سفنهم إلى إرتيريا حيث تمتلك الإمارات قاعدة عسكرية.
ودعت المجتمع الدولي إلى وضع حد لما وصفها بـ”القرصنة الإماراتية” في البحر الأحمر واختطاف الصيادين وقوارب الصيد.
الخوخة.. مأساة اليمن الكبرى
وتعد الخوخة (جنوب الحديدة – غرب اليمن)، أكبر المدن التي تعرض صيادوها للقتل والاعتداءات خلال الخمس سنوات الماضية، والذين أبدوا سخطهم تجاه عمليات الاستهداف المتكررة التي تطالهم من قبل قوات التحالف، والقوات الموالية لها في الساحل الغربي.
في رسالة وجهها الصيادون إلى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته، طالب الصيادون في 28 ديسمبر الجاري، بتمكينهم من ممارسة الصيد في البحر الأحمر، والكف عن استهدافهم، والتحقيق في عمليات استهداف سابقة تعرضوا لها وأودت بحياة العشرات منهم.
الخوخة
تكشف الرسالة عن تعرض الصيادين لعمليات قصف متعمدة خلال السنوات الماضية، أدت لمقتل وإصابة أكثر من 100 صياد، وتركت آخرين معوقين لا يقدرون على الحركة، وطالبت بـ”التحقيق في عمليات استهداف الصيادين وتعويض الضحايا وعائلاتهم، تعويضاً عادلاً عما لحق بهم من أضرار.”
ويشكو مئات الصيادين في مدينة الخوخة المحررة من منع القوات الإماراتية لهم من النزول إلى البحر، وتحول ميناء الاصطياد السمكي لثكنة عسكرية.
اتهامات دولية
في أغسطس 2019، اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية، التحالف السعودي الإماراتي في اليمن بقتل 47 صياداً يمنياً منهم 7 أطفال، واحتجاز 100 آخرين، بعضهم تعرض للتعذيب أثناء الاحتجاز في السعودية، منذ بداية 2018 وحتى أغسطس الماضي.
وقالت المنظمة ومقرها نيويورك، إن قوات بحرية تابعة للتحالف نفذت على الأقل 5 هجمات قاتلة على قوارب صيد يمنية منذ مطلع 2018.
الصيادين
وأردفت: “مسؤولو التحالف الذين أمروا أو نفذوا الهجمات أو عذبوا المحتجزين متورطون على الأرجح في جرائم حرب”.
ونقل التقرير عن بريانكا موتابارثي، مديرة قسم الطوارئ بالنيابة في “رايتس ووتش”، قولها: إن “قوات التحالف البحرية هاجمت بشكل متكرر مراكب صيد وصيادين يمنيين دون التأكد من أنهم أهداف عسكرية مشروعة”.
وتابعت: “قتلُ الصيادين رغم أنهم كانوا يلوحون بأقمشة بيضاء، أو ترك طاقم المراكب المحطمة يغرقون، هي جرائم حرب”.
أرقام كبيرة
يقول “المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان” (منظمة يمنية)، في تقرير له، إن الاعتداءات التي تعرض لها الصيادين خلال نحو خمس سنوات من الحرب، أسفرت عن مقتل وجرح ما يزيد عن 813 صياداً، وتعرض 881 آخرين للاعتقال والاختطاف والتعذيب.
كما كشف عن تدمير نحو 254 قارباً بشكل كلي وجزئي، وسرقة المئات من شبكات الصيد وحرمان 3700 صياد من تحصيل رزقهم.
اليمن
وطبقاً للتقرير الاقتصادي الصادر عن برنامج نظام معلومات الأمن الغذائي اليمني، فإن 65% من الصيادين اليمنيين فقدوا سبل عيشهم جراء الحرب والحصار الذي يفرضه التحالف منذ مارس 2015؛ والذي ألحق أضراراً بالغة بالقطاع السمكي، أهم القطاعات الإرادية في اليمن.
ولفت التقرير إلى أن 650 ألفاً من العمال في مجال التعبئة والتخزين والنقل في قطاع الصيد والأسماك فقدوا أعمالهم، فيما توقفت أغلبية خدمات قطاع الأسماك في اليمن بسبب الحرب.
معاناة في السجون
يقول الصياد اليمني محمد شامي، إنه اختُطف من قبل البحرية السعودية في عرض البحر مع 18 من زملائه في يوليو من عام 2018، وأطلق بعد ذلك سراحه في نوفمبر من نفس العام، بعد تعرضه للتعذيب.
يشير في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن النظام السعودي يملك أساليب كثيرة للتعذيب “منها التعليق من الأرجل والضرب بالعصي والأسياخ المعدنية، كما كانوا يمنعوننا من دخول الحمام ويجبروننا على قضاء حاجتنا على ثيابنا وفي مكاننا المكشوف للشمس في النهار وللبرد في الليل”.
ويؤكد أن “الجنود السعوديين أسروا خمسة من الصيادين بعد أن أسرونا بيومين واحد منهم مات والثاني كان جريحاً لم تتم معالجته حتى مات”.
وكانت الحديدة قد شهدت الشهر الماضي وقفات احتجاجية أمام مقر الأمم المتحدة، للمطالبة بإطلاق سراح المحتجزين، حتى أطلقت القوات السعودية عدد منهم بضغوطات الشارع المحلي.
جرف الثروة السمكية
الناشط الحقوقي محمد راجح، وهو أحد أبناء الحديدة، يقول إن القوات السعودية والإماراتية، تستخدم حالياً إحدى بوارجها، وعدداً من الجزر سجناً للصيادين اليمنيين الذي تختطفهم بين الحين والآخر في عرض البحر.
وأضاف في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن أرقام متضاربة عن عدد المعتقلين لدى تلك القوات أو الموالية لها مثل قوات طارق صالح، “ونادراً ما يتم الافراج عنهم”.
واتهم راجح تلك القوات باستهداف قوت اليمنيين، فيما تقوم “بجرف الثروة السمكية اليمنية”، كاشفاً عن “وجود 8 جرافات تابعة للتحالف الذي تقوده السعودية في المياه الإقليمية اليمنية، تقوم بجرف ثروات اليمنيين وحرمان أهالينا من ممارسة حقهم بالصيد”.
وتابع: “الهجمات والاعتقالات أثرت بشدّة على مجتمعات الصيادين في الأماكن النائية التي فقدت المعيلين الأساسيين لمئات العائلات، وأثنت الصيادين الآخرين عن الذهاب إلى البحر”.
ودعا الناشط الحقوقي إلى وقف الاعتداءات على الصيادين اليمنيين، وقال: “للأسف الجرائم التي يتعرضون لها لا أحد يتكلم عنها وكل التركيز غالباً على ما يحدث للمدنيين في المناطق السكنية، أما من يقتل أو يعتقل من عرض البحر لا أحد يلتفت له”.