هارتس العبرية: السلام فشل مع عمان…والأردنيون يرون إسرائيل عدوا، حيفة “هآرتس” العبرية تسلط الضوء على ما اعتبرته فشلا مروعا للسلام بين دولة الاحتلال والأردن، مشيرة إلى أن الأردنيين لازالوا ينظرون لـ(إسرائيل) كعدو.
مجتهد نيوز//
“قد تؤول الأمور إلى نشاط تجاري أكثر تضاؤلاً، وإحباط سياسي أكثر تفاقماً، وتدهور العلاقات الثنائية بين البلدين”.. هكذا سلطت صحيفة “هآرتس” العبرية الضوء على ما اعتبرته فشلا مروعا للسلام بين دولة الاحتلال والأردن، مشيرة إلى أن الأردنيين لازالوا ينظرون لـ(إسرائيل) كعدو.
وذكر تقرير للصحيفة أن الأردن عول أكثر من أي دولة عربية أخرى على جني عوائد ضخمة من اتفاقية وادي عربة للسلام منذ عام 1994، والرؤية التي طُرحت عن سوقٍ شرق أوسطية مشتركة في المستقبل، لكن الأردنيين، على امتداد الطيف السياسي -بمن فيهم أعضاء البرلمان- باتوا مقتنعين الآن أكثر من أي وقت مضى بأن (إسرائيل) عدو لا يمكن التوافق معه، بعد سنوات من خيبة الأمل إزاء سلوك الدولة العبرية تجاه الفلسطينيين.
وأضافت أن الخطاب الأمريكي الحالي المفتقر للتوازن إلى حد خطير فيما يخص القضية الفلسطينية يزيد من صعوبة العلاقات الأردنية الإسرائيلية، خاصة في ظل ترقب تصديق الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” رسميا على خطة السلام بالشرق الأوسط، المعروفة إعلاميا بـ”صفقة القرن”، والتي سربت تقارير غربية احتوائها على بند بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، وتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم فيما يتعلق بالإشراف الأردني على المسجد الأقصى وموقعه.
وإزاء ذلك، يجد ملك الأردن “عبدالله الثاني” نفسه عالقاً بين مطالب معسكر “ترامب” المؤيد لـ(إسرائيل) والمنصرف عن توجيه أي مساعدات إلى الفلسطينيين، والرأي العام المحلي الآخذ في الغضب إلى حد الرغبة في القطع الكامل للعلاقات الدبلوماسية والتجارية مع تل أبيب.
وفي السياق، أشارت “هآرتس” إلى ضغوط شعبية متزايدة في الأردن للتخلي عن صفقة الغاز البالغة قيمتها 15 مليار دولار مع (إسرائيل)، وتنامي حالة السخط من تأخر الأخيرة في إعادة الأراضي التي تحتلها في المنطقتين المؤجرتين من الأردن بموجب اتفاق وادي عربة، وهما: الباقورة في الشمال والغمر في الجنوب.
كما لم ينس الأردنيون حادث إطلاق حارسٍ إسرائيلي النار على أردني ليرديه قتيلاً بالقرب من السفارة الإسرائيلية في عمان عام 2017.
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أنه على الرغم ما سمتها “الفوائد الكثيرة” التي جناها الاقتصاد الأردني من إنهاء حالة الحرب مع (إسرائيل)، ومنها إنشاء مناطق صناعية ثلاثية بالشراكة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، إلا أن رؤية إقامة سلام دائم بين الدولتين لم يكتب لها التحقق؛ لأن قليلاً من عوائد النمو الاقتصادي شعر به المواطنون الأردنيون العاديون.
وذكر تقرير الصحيفة العبرية أن دخل الفرد الأردني شهد انخفاضاً خلال السنوات التي تلت إبرام معاهدة سلام مع (إسرائيل)، وارتفعت نسب البطالة، ولم يفتح السوق الفلسطيني أبوابه أمام التجارة الأردنية كما كان متوقعا.
وإزاء ذلك، أخذت خيبات الأمل في معاهدة السلام تتنامى، وشيئاً فشيئاً، بدأ يسأل الأردنيون بغضب: “أين هي ثمار السلام؟”، بحسب “هآرتس”.
وحول أسباب فشل السلام الأردني الإسرائيل، بحسب توصيف الصحيفة، نوه التقرير إلى إخفاق النظام السياسي الإسرائيلي في التعبئة لدفع خطط التعاون الإقليمي، مفضلاً الإذعان لمطالب الضغط المحلية المتطرفة، وحيلولة الإجراءات الأمنية المفرطة دون وصول الأردنيين إلى (إسرائيل) بأعداد كبيرة.
فالنشاط التجاري الأردني داخل (إسرائيل) ظل سرياً ومتواضعاً للغاية، ولا تزال حركة البضائع بين الاقتصادين محدودة وتقل كثيراً عن أيام الازدهار الأولى منذ 14 عاماً عندما كانت المناطق الصناعية المؤهلة منتعشة.
ولذا فإن حصة (إسرائيل) من كعكة عوائد السلام ظلت أكبر بكثير مما تمتع بها الأردن، ولم يحظ الأردنيون بأي استفادة من الخبرة الإسرائيلية في القطاعات الصناعية التي بدت أرجح للتعاون، مثل الصناعات الخفيفة أو مجالات التقنية.
كما لم يستفد الأردن ولو حتى بشكل غير مباشر من تدفقات استثمار أجنبي مباشرة أكبر، وأكثر استدامة. بل على العكس من ذلك، انخفضت هذه التدفقات فعلياً خلال الفترة الأولى لتوقيع معاهدة وادي عربة، ولم تعاود التعافي سوى في منتصف إلى أواخر العقد الأول من القرن العشرين.
وفي المقابل، لم تحرر الاتفاقية (إسرائيل) فقط من كونها دولة منبوذة في المنطقة، بل جلبت معها تدفقات هائلة من الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الداخل، وفتحت آفاقاً تجارية جديدة مع آسيا ودول أخرى كان قد حظر التعامل مع (إسرائيل) فيها لعقود.
وعلى المستوى السياسي، كانت مشاريع الاستيطان التي أُطلقت في القدس الشرقية مؤذية على نحو خاص للسلام الأردني الإسرائيلي، إذ لم تعتبرها عمان انتهاكاً فحسب لنص وروح اتفاقية أوسلو، بل ولالتزام إسرائيل إزاء الأردن بموجب المادة التاسعة من معاهدة السلام.
وتسبب ذلك في حدوث احتكاكات بين قيادة الأردن والحكومات الإسرائيلية، أخذت تضعف من الثقة المتبادلة بين الطرفين، بحسب “هآرتس”.
أما المجال الوحيد الذي أبدى استقراراً وثقة بين الطرفين فهو مجال التعاون الأمني، إذ يبدو أن أجهزة الاستخبارات في البلدين “تنام في أحضان بعضها بعضاً”، بحسب تعبير الصحيفة العبرية.
وخصلت الصحيفة الإسرائيلية إلى ان الأردن لا يمكنه باء مستقبله الاقتصادي على العلاقات مع (إسرائيل)، إلا إذا تعقّلت قيادة تل أبيب وشرعت في التوصل إلى سلام عادل ودائم وشامل في المنطقة.